قوله { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } الآية. قال ابن عباس: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وقيل: هو خطاب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم. وقال عكرمة: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ ابن جبل. وقال الحسن وغيره: الخطاب لأمة سيدنا محمد عليه السلام كلهم وكانوا يقولون نحن آخرها وأكرمها على الله. وعن الحسن أنه قال: معناها كنتم خير الناس للناس. وقال أبو هريرة في معناها: خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعماقهم حتى يدخلوا في الإسلام، وروي أن النبي عليه السلام قال " ألا إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله " وقال يوماً وهو مسند ظهره إلى الكعبة: " نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها ". وقيل: كان زائدة، والمعنى أنتم خير أمة بمنزلة قوله:{ وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ } [البقرة: 143] أي: أنت عليها وبمنزلة{ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } [النمل: 27]، وقد ذكر هذا كله في مواضعه وفي بعضه اختلاف. وقيل: المعنى كنتم في اللوح المحفوظ خير أمة، ومثله { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً } [الأعراف: 86] أي إذ أنتم. وقيل المعنى: كنتم خير أمة إذ كنتم تأمرون بالمعروف أي: إذا كان هذا حالكم فأنتم خير أمة. ومعنى: { تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } تشهدون ألا إله إلا الله وتقرون بما أنزل الله وتنهون عن المنكر تقاتلون على ذلك. والمنكر: هو التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به هذا قول ابن عباس. وأصل المعروف هو فعل كل ما كان مستحسناً جميلاً غير مستقبح. قوله: { وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } أي: لو صدق أهل التوراة والإنجيل بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به لكان الإيمان خيراً في عاجل دنياهم وآجل آخرتهم { مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي: منهم من يصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم: مثل عبد الله بن سلام وغيره ممن آمن به { وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }: أي الخارجون عن الدين الذي في التوراة والإنجيل لأنهم كذبوا بما فيها من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وبدلوا شريعتهم وغيروها.