الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } * { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } * { وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } * { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ }

قوله تعالى ذكره: { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } إلى قوله { إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ }.

أي: يعلم حال ما تعبدون من دون الله أنه لا ينفعكم ولا يضركم، وأن مثله في قلة غنائه عنكم مثل بيت العنكبوت في قلة غنائه عنها. { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي: في انتقامه ممن كفر به. { ٱلْحَكِيمُ } في تدبيره. و " من " في قوله: " من شيء " للتبعيض، ولو كانت زائدة للتوكيد بعد النفي لانقلب المعنى. فما ليست نفياً، وهي بمعنى الذي.

ثم قال: { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي: وتلك الأشباه والنظائر نضربها للناس، أي: نمثلها للناس ونحتج بها عليها. { وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } أي: وما يعقل الصواب لما ضرب له من الأمثال إلاّ العالمون بالله وآياته. ثم قال تعالى: { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي: انفرد بخلق ذلك للحق.

{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي: لعلامة وحجة على خلقه في توحيده وعبادته لمن آمن به. ثم قال تعالى: { ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ } أي: اقرأ يا محمد ما أنزل عليك من القرآن. { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } أي: أدّها بفروضها وفي وقتها. { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ }.

قال ابن عباس: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله جلّ ذكره. وقال ابن مسعود: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بها إلاّ بعداً من الله جلّ ذكره.

وروى الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قول ابن مسعود. وهو قول قتادة وغيره. وقيل: المعنى: إن الصلاة تنهى من كان فيها عن الفحشاء والمنكر فتحول بينه وبين ذلك لشغله بها.

وروي عن ابن عمر أنه قال: الصلاة هنا: القرآن. قال: القرآن الذي يقرأ في المساجد ينهى عن الفحشاء والمنكر. والفحشاء الزنى، والمنكر المعاصي.

ثم قال: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } قال ابن عباس في معناه: ولذكر الله أكبر إذا ذكرتموه عندما أمركم به، ونهى عنه أكبر من ذكركم إياه. وهو قول مجاهد وعكرمة وغيرهما. وروي ذلك عن أبي الدرداء. وقيل: المعنى: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه. وهو اختيار الطبري.

وقيل: المعنى: ولذكركم الله أفضل من كل شيء. أي: ذكركم الله في الصلاة والدعاء وغير ذلك أفضل من الصلاة وسائر العبادات بلا ذكر.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليس يتحسَّرُ أهلُ الجنّة على شيءٍ إلاّ على ساعاتٍ مرّت بهم لم يذكُروا الله عز وجل فيها " وقال ثابت البُناني: " بلغني أن أهل ذكر الله يجلسون إلى ذكر الله وإن عليهم من الآثام مثل الجبال، وإنهم ليقومون منها عطلاً ما عليهم منها شيء ".

السابقالتالي
2 3