الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } * { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } * { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } * { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى ذكره: { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ } إلى قوله: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }.

أي: تأتون الرجال في أدبارهم، وتقطعون الطريق على المسافرين.

روي أنهم كانوا يفعلون ذلك بمن يمر بهم من المسافرين، ومن يرِدُ ديارهم من الغرباء، قاله ابن زيد.

روي أنهم كانوا - مع فسقهم - يقطعون الطريق ويقتلون ويأخذون الأموال حتى انقطعت الطريق فلا يسلكها أحد.

وقوله: { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ }. روي عن عائشة أنه الفراط، يعني أنهم كانوا يتفارطون في مجالسهم.

" وروت أم هانئ أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى ذكره: { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } قال: " كانوا يَخْذِفون أهلَ الطريقِ ويَسْخَرُونَ منهم، فهوَ المنكر الذي كانوا يأتون " ، وقاله عكرمة والسدي.

وقال مجاهد: المنكر هنا أنهم كانوا يجامع بعضهم بعضاً في المجالس. وهو قول قتادة وابن زيد. والحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع.

وروي ذلك عن ابن شهاب: " إنّ على مَنْ عمِلَ عمَلَ قومِ لوطٍ الرجم أُحْصِنَ أو لم يُحْصَن ".

قال مالك: إذا شهدَ على الفاعل والمفعول به أربعة شهداء عدول رُجما، ولا يرجمان حتى يُرى كما يرى المِرْوَد في المِكحلة أُحْصِنَا أو لم يُحْصَنَا إذا كانا قد بلغا الحُلمَ.

وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اقتلوا الفاعلَ والمفعولَ بهِ ".

وقال عليّ بن أبي طالب: يحرق الفاعل والمفعول به في النار. وروي أن أبا بكر شاور علياً في هذا فأمر بحرقهما.

وفعل ابن الزبير مثل ذلك في أيامه، وفعله هشام ابن عبد الملك. وقيل إنما فعلوا الحرق بعد القتل.

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر برجمِهما " وأكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك " القتل لهما جميعاً " وفي بعض الحديث: " ومن وقَعَ على ذاتِ مَحْرَمٍ فاقتلوهُ ".

وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا علا الذّكرَ الذّكَرُ اهتزّ العرشُ وقالت السماوات: يا ربّ مُرْنا أن نَحْصِبَهُ، وقالتِ الأرضُ: يا ربِّ مُرْنَا نَبْتَلِعَهُ، فيقولُ: دعوهُ فإنّ ممرَّهُ بي ووقوفَهُ بينَ يديَّ ".

ثم قال تعالى ذكره: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ } أي: ما جاوب لوطاً قومه لما نهاهم عن المنكر، وخوفهم من عذاب الله إلاّ أن قالوا: جئنا بعذاب الله الذي توعدنا به إن كنت صادقاً في قولك.

{ قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } أي: قال لوط مستغيثاً لما استعجله قومه بالعذاب: يا ربّ انصرني على القوم المفسدين /.

ثم قال تعالى: { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ } أي: جاءته الملائكة من الله بالبشرى بإسحاق ومن ولده بيعقوب.

السابقالتالي
2 3