الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } * { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى ذكره: { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ } إلى قوله { مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }.

أي: قل يا محمد للمنكرين للبعث: سيروا في الأرض فاستدلّوا بأنواع صنع الله، وانظروا إلى آثار كان قبلكم. وإلى ما صاروا إليه من الموت والفناء، فتعلموا أن الله بدأ الخلق في الأرض وأفناهم، ثم أحدثكم بعدهم. فكذلك سيفنيكم بالموت ثم يحييكم في الآخرة كلكم. فكما خلقكم في الدنيا بعد أن لم تكونوا كذلك فيها وخلق من كان قبلكم بعد أن لم يكونوا فيها كذلك يحييكم بعد موتكم، فاعلموا أن الله على كل شيء قدير. وانظروا كيف بدأ الله الخلق للأشياء وأحدثها، فكما أنشأها وابتدأها، كذلك يقدر على إعادتها بعد إفنائها. وليس يتعذّر الإعادة على من ابتدأ الشيء.

وقوله: { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ [ٱلنَّشْأَةَ] ٱلآخِرَةَ }. يعني البعث بعد الموت.

ومن مده جعله اسماً في موضع المصدر كما قالوا: (عطاء) في موضع: (إعطاء).

ولم يمد جعله مصدراً جرى على غير المصدر لأنه لو جرى على المصدر لقال ينشئ الإنشاء الآخر. ولكنه على تقدير: ثم الله ينشئ الخلق بعد موتهم فينشؤون النشأة الآخرة.

{ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي: إن الله على إنشاء جميع خلقه بعد فنائه كهيئته قبل ذلك قادر، لا يعجزه شيء أراده. وقدير أبلغ من قادر.

ثم قال تعالى: { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } أي: يعذّب من يشاء ممن سبق له الشقاء، ويرحم من يشاء ممن سبق له السعادة، وإليه تردون.

وقيل: يعذب من يشاء ممن يستحق العذاب، ويرحم من يشاء ممن يستحق الرحمة. ثم قال: { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } أي: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا أهل السماء بمعجزين في السماء، أي: ليس يفوت الله أحد. وقيل: المعنى: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها.

وقال المبرد: التقدير: ولا من في السماء، على أن تكون (من) نكرة، وفي السماء من نعتها، ثم أقام النعت مقام المنعوت.

وقد ردّ عليه هذا / القول علي بن سليمان، وقال: لا يجوز، لأن (من) إذا كانت نكرة فلا بد من صفتها، فصفتها كالصلة، ولا يجوز حذف الموصول وترك الصلة. والمعنى عنده: أن الناس خوطبوا بما يعقلون - ومن في السماء الوصول إليه أبعد - وأما المعنى: وما أنتم بمعجزين في الأرض، ولو كنتم في السماء ما أعجزتم، ومثله:أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } [النساء: 78].

فالمعنى: لا تعجزونا هرباً ولو كنتم في السماء.

قال ابن زيد: معناه: لا يعجزه - تعالى ذكره - أهل الأرض في الأرض ولا أهل السماء في السماء إن عصوه.

السابقالتالي
2 3