الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } * { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

قوله تعالى ذكره: { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } ، إلى أخر السورة.

قيل: خرج في ثياب الأرجوان.

قال جابر: خرج في القرمز.

وقال مجاهد: خرج في ثياب حمر على براذين بيض عليها سروج الأرجوان عليهم المعصفرات.

قال ابن جريج: خرج على بغلة شهباء عليها الأرجوان، وثلاثمائة جارية على البغال الشهب عليهن ثياب حمر.

وقال الحسن: خرج في ثياب حمر وصفر.

وقال قتادة: ذكر لنا أنهم خرجوا على أربعة آلاف دابة عليهم وعلى دوابهم الأرجوان.

وقال ابن زيد: خرج في سبعين ألفاً عليهم المعصفرات.

وقال شهر بن حوشب: زادوا على الناس في طول ثياب أربعة أشبار.

{ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } ، أي يحبون زينة الدنيا من قوم قارون { يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ } ، من زينة الدنيا.

{ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي ذو نصيب عظيم في الدنيا.

ثم قال تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } ، أي اليقين والإيمان { وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ } ، أي اتقوا الله وأطيعوه، فثواب الله لمن آمن به وبرسله { خَيْرٌ } مما أوتي قارون من زينته وماله. { وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } أي لا يوفق لقول هذه الكلمة وهي { ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } ، إلا الصابرون. أي إلا الذين صبروا عن زينة الحياة الدنيا، وآثروا ما عند الله من النعيم على شهوات الدنيا.

ثم قال تعالى: { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } أي فخسفنا بقارون وأهل داره الأرض.

روي: أن موسى عليه السلام أمر الأرض أن تأخذه، ومن كان يتبعه من جلسائه في داره، وكان معه جماعة وهم على مثل حاله من النفاق على موسى.

قال ابن عباس: لما نزلت الزكاة أتى موسى قارون فصالحه على كل ألف دينار ديناراً، وعلى كل ألف درهم درهماً، وعلى كل ألف شاة شاة. ثم أتى قارون بيته فحسبه فوجده كثيراً، فجمع بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل إن موسى قد أمركم بكل شيء فأطعتموه وهو الآن يريد أن يأخذ من أموالكم، فقالوا له: أنت كبيرنا وسيدنا، فمرنا بما شئت، فقال: آمركم تجيئوا بفلانة البغي فنجعل لها جعلاً فتقذفه بنفسها، فدعوها فجعلوا لها جعلاً على أن تقذفه بنفسها، ثم أتى موسى، فقال لموسى إن بني إسرائيل قد اجتمعوا لتأمرهم وتنهاهم، فخرج إليهم وهم في براح من الأرض، فقال يا بني إسرائيل: من سرق قطعنا يده، ومن افترى جلدناه بثمانين، ومن زنى وليس له امرأة جلدناه مائة، ومن زنى وله امرأة جلدناه حتى يموت أو رجمناه حتى يموت. فقال له قارون: وإن كنت أنت، قال: وإن كنت أنا، قال: فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فقال: ادعوها، فإن قالت فهو كما قالت، فلما أن جاءت، قال لها موسى: يا فلانة، قالت: لبيك، قال: أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ قالت: لا وقد كذبوا، وقد جعلوا لي جعلاً على أن أقذفك بنفسي فوثب وسجد وهو بينهم فأوحى الله إليه: مر الأرض بما شئت، فقال يا أرض خذيهم، فأخذتهم /، إلى أقدامهم، ثم قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم، ثم كذلك حتى أخذتهم إلى أعناقهم، فجعلوا يقولون: يا موسى، يا موسى، ويتضرعون إليه، فقال: يا أرض خذيهم، فأطبقت عليهم، فأوحى الله إليه: يا موسى، يقول لك عبادي يا موسى، يا موسى لا ترحمهم، أما لو إياي دعوا لوجدوني قريباً مجيباً.

السابقالتالي
2 3 4