الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } * { وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }

قوله تعالى ذكره: { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ } ، إلى قوله: { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } ،

" قارون " فاعول اسم أعجمي معرفة فلذلك لم ينصرف ومعنى { كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ } أي من عشيرته، وكان ابن عمه لأبيه وأمه، وكان عند موسى من عباد المؤمنين. وهو قارون بن يصهر بن قاهث، وموسى: هو موسى بن عمران بن قاهث. قاله ابن جريج، والنخعي، وقتادة، ومالك ابن دينار.

وقال ابن إسحاق: كان قارون عم موسى لأب وأم.

وقوله: { فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } ، أي تجاوز حده في التكبر عليهم.

وقيل: كان بغيه أنه أحدث زيادة شبر في طول ثيابه، قاله شهر بن حوشب.

وقال قتادة: كان بغيه عليهم بكثرة ماله.

قيل: إنه لكثرة ماله استخف بالفقراء، وازدرى بني إسرائيل، ولم يرع لهم حق الإيمان بالله.

وقيل: إنه كان ابن عم موسى، وكان عالماً بالتوراة فبغى على موسى، وقصد إلى الإفساد عليه والتكذيب له، وكان من طلبه للإفساد أن بغيّاً كانت مشهورة في بني إسرائيل فوجه إليها قارون، وكان أيسر أهل زمانه، فأمرها أن تصير إليه، وهو في ملإ من أصحابه، فتكذب على موسى، وتقول: إن موسى طلبني للفساد، وضمن لها قارون إن هي فعلت ذلك أن يخلطها بنسائه، وأن يعطيها على ذلك عطاء كثيراً، فجاءت المرأة، وقارون جالس مع أصحابه ورزقها الله التوبة، وقالت في نفسها: مالي مقام توبة مثل هذا، فأقبلت على أهل المجلس وقارون حاضر، فقالت لهم: إن قارون هذا وجه إلي يأمرني ويسألني أن أكذب على موسى وأن أقول: قد أرادني للفساد، وأن قارون كاذب في ذلك. فلما سمع قارون كلامها تحير وأبلس، واتصل الخبر بموسى عليه السلام فجعل الله أمر قارون إلى موسى، وأمر الأرض أن تطيعه فيه، فورد موسى على قارون، فأحس قارون بالبلاء، فقال: يا موسى ارحمني، فقال: يا أرض خذيه، فخسفت به إلى سرته، ثم قال: يا أرض خذيه، فخسفت به إلى عنقه، واسترحم موسى فقال: يا أرض خذيه، فخسفت به حتى ساخت الأرض به وبداره، وهو قوله جل ذكره:فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [القصص: 81].

وقوله: { وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ } ، أي كنوز الأموال { مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ } ، أي خزائنه.

وقيل: هي التي يفتح بها الأبواب، والواحد في الوجهين: مفتاح، وروى الأعمش عن خيثمة أنه قال: كانت مفاتح قارون تحمل على ستين بغلاً، كل مفتاح منها /، لباب كنز معلوم مثل الإصبع من جلود.

قال مجاهد: كانت المفاتيح من جلود الإبل.

وقال أبو صالح: كانت خزائنه تحمل على أربعين بغلاً.

وقال الضحاك: مفاتحه: أوعيته.

وقيل: كانت مفاتح أقفال خزائنه لا تنقل من مكان إلى مكان إلا بعشرة أنفس من أهل القوة.

السابقالتالي
2 3