الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ }

قوله تعالى ذكره: { طسۤمۤ * تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } ، إلى قوله: { كَانُواْ خَاطِئِينَ }.

قد تقدم تفسير " طسم " ، والمعنى هذه آيات الكتاب الذي أنزله إليك يا محمد المبين: أنه من عند الله، لم تتقوله ولا تخرصته، وفي هذا إشارة إلى أن الله قد أعلم من قبل محمد من النبيين أنه سينزل على نبي كتاباً مبيناً، فذلك معنى الإشارة في قوله: { تِلْكَ آيَاتُ } ، أي هذه الآيات التي وعد الله أن ينزلها وكذلك ما شابهه مثله.

وقال قتادة: المعنى: المبين بركته ورشده وهداه.

وقيل: المعنى: المبين الحق من الباطل، والحلال من الحرام، وقصص الأنبياء، ونبوة محمد عليه السلام.

يقال: أبان الشيء وبان.

ثم قال تعالى: { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ }.

أي نقرأ عليك يا محمد رسولنا، ونقص عليك من خبر موسى وفرعون { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، أي لقوم يصدقون بهذا الكتاب، فيزدادون عند سماع ما لم يكونوا يعلمون تصديقاً وإيماناًَ ويعلمون أن من عاداك مصيره كمصير من عادى موسى.

ثم قال تعالى: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } ، أي تجبر وتكبر، لم يرد علو مكان، وعلى ذلك ما وصف الله بالعلو، ليس هو علو مكان { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } ، أي فرقاً يذبح طائفة، ويستحيي طائفة، ويعذب طائفة، ويستعبد طائفة. { إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } ، أي ممن يفسد في الأرض بقتله من لا يستحق القتل، واستعباده من ليس له استعباده، وتجبره بغير حق.

قال السدي: رأى فرعون في / منامه أن ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر، فدعا السحرة والكهنة والقافة فسألهم عن رؤياه، فقالوا: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه، يعنون بيت المقدس رجل يكون على وجهه ذهاب مملكتك، وكان بنو إسرائيل لا يولد لهم غلام إلا ذبحه، ولا يولد لهم جارية إلا تركت. وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجاً فأدخلوهم، واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة، فجعل بنو إسرائيل في أعمال غلمانهم، وأدخلوا غلمانهم، فذلك قوله: { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } وواحد الشيع: شيعة، وهي الفرقة التي يشيع بعضها بعضاً أي يعاونه.

قال أبو إسحاق: إنما فعل ذلك لأن بعض الكهنة قال له: إن مولوداً يولد مع ذلك الحين يكون سبب زوال ملكه. فالعجب من حمق فرعون إن كان الكاهن عنده صادقاً فما يغني القتل، وإن كان كاذباً فما يصنع بالقتل.

ثم قال تعالى: { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ، يعني بني إسرائيل الذين استضعفهم فرعون، فكان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطاً، بالسبط الذي كان منهم موسى الذي كان فرعون يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم.

السابقالتالي
2 3