الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } * { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } * { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ }

قوله تعالى ذكره: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } إلى قوله: { إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } ،

أي إنك يا محمد لا تهدي من أحببت هدايته، ولكن الله يهدي من يشاء هدايته من خلقه، فيوفقه للإيمان. { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } ، أي والله أعلم بمن سبق له في علمه أنه يهتدي للرشاد. ويروى: أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم لما امتنع عمه أبو طالب من إجابته إذ دعاه إلى الإيمان.

روى أبو هريرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب عند الموت: قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة. قال: لولا أن تعيرني /، قريش. يقولون ما حمله إلا جزع الموت أقرت عينك بها؟ فنزلت { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } ، الآية ".

وروى سعيد بن المسيب عن أبيه أنه قال: " لما حضرت أبا طالب الوفاة أتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله: يا عم: قل لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله يعرضها عليه، ويعيد تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أما والله لأستغفرن لك، ما لم أنه عنك " فأنزل الله: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } الآية. وأنزل: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } الآيات ".

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: نزلت في أبي طالب على ما ذكرنا.

ثم قال تعالى: { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } ، أي وقال كفار قريش: إن نتبع الذي جئتنا به، ونتبرأ من الأنداد والآلهة: يتخطفنا الناس من أرضنا، لاجتماع جميعهم على خلافنا، وحربنا، يقول لهم الله جل ذكره: { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً } أي نوطئ لهم بلداً: حرم فيه سفك الدماء، ومنع من أن يتناول سكانه فيه بسوء، وأمن أهله من أن تصيبهم فيه غارة أو قتل أو سبي. قال ابن عباس: كان من أحدث حدثاً في بلد غير الحرم، ثم لجأ إلى الحرم أمن إذا دخله، ولكن لا ينبغي لأهل مكة أن يبايعوه، ولا يطعموه، ولا يسقوه، ولا يؤووه، ولا يكسوه، فإذا خرج من الحرم أخذ وأقيم عليه الحد. قال: ومن أحدث فيه حدثاً أخذ بحدثه فيه.

قال مجاهد: إذا أصاب الرجل الحد في غير الحرم، ثم أتى الحرم، أخرج من الحرم، فأقيم عليه الحد، وإن أصاب الحد في الحرم أقيم عليه الحد في الحرم.

السابقالتالي
2 3