الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ }

قوله تعالى ذكره: { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } ، إلى قوله: { لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } ،

أي قل يا محمد للقائلين في التوراة والإنجيل إنهما { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } أو محمد وموسى، أو موسى وهارون إنهما ساحران، { فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ } ، من هذين الكتابين أو من هذين الرسولين، وإذا جعلت " منهما " للرسولين، فعلى قراءة من قرأ لساحران لا بد من حذف، والتقدير هو أهدى من كتابيهما { أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، أي إن جئتم بالكتاب أتبعه إن كنتم صادقين في قولكم: { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا }.

ثم قال تعالى: { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ } ، أي إن لم يجيبوك إلى ما تدعوهم إليه من الإتيان بكتاب، فاعلم أنهم إنما يتبعون أهواءهم في كفرهم وجحدهم لكتب الله وأنبيائه.

ثم قال تعالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ } ، أي من أضل عن طريق الرشد ممن اتبع هواه بغير بيان عنده من الله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } ، أي لا يوفقهم لإصابة الحق، أي لا أحد أضل ممن هذه صفته.

ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ، أي ولقد وصلنا يا محمد لقومك من قريش، ولليهود من بني إسرائيل القول بأخبار الماضين، والنبأ عما أحللنا بهم من العقوبات، إذ كذبوا الرسل { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ، أي يتفكرون، ويعتبرون. وأصل " وصلنا " من وصل الجبال بعضها ببعض.

قال أبو عبيدة: وصَّلْنا أتممنا.

قال قتادة: معناه: وصَّلْنا لهم خبر من مضى بخبر من يأتي.

وقال ابن عيينة وصَّلنا: بَيَّنَّا.

وقال ابن زيد: وصّلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة، حتى كأنهم عاينوا الآخرة وشهدوها وهم في الدنيا، بما نريهم من الآيات في الدنيا.

قال مجاهد: وصّلنا لهم: يعني قريشاً.

وقيل: عني به اليهود.

وقرأ الحسن: " وصلنا " بالتخفيف.

وقيل: معنى { وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } أي جعلنا بعضه ينزل إثر بعض مشاكلاً بعضه لبعض في باب الحكمة وحسن البيان.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } ، يعني من آمن بمحمد عليه السلام من أهل الكتاب.

قال قتادة: نزلت في ناس من أهل الكتاب، كانوا على شريعة من الحق يأخذون بها وينتهون، حتى بعث الله جل ثناؤه محمداً آمنوا به وصدقوه، فأعطاهم الله أجرهم مرتين بصبرهم على الكتاب الأول، واتباعهم محمداً صلى الله عليه وسلم، وصبرهم على ذلك.

وقيل: أعطاهم الله أجرهم مرتين بإيمانهم ببعث محمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثه، وإيمانهم به بعد بعثه، فبصبرهم على ذلك أعطوا أجرهم مرتين.

ويقال: إن منهم سلمان، وعبد الله بن سلام.

قال الضحاك: هم ناس من أهل الكتاب آمنوا بالتوراة والإنجيل، ثم أدركوا محمداً فآمنوا به، فآتاهم الله أجرهم مرتين بإيمانهم بمحمد قبل أن يبعث، وباتباعهم إياه حين بعث، فذلك قوله عنهم: { إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ }.

السابقالتالي
2 3