الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } * { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ }

قوله تعالى ذكره: { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } إلى قوله: { إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } ،

أي تجبَّر فرعون وقومه، في أرض مصر عن تصديق موسى واتِّباعه على توحيد الله وعبادته بغير الحق أي تعدياً وعتواً على ربهم وظنوا أنهم لا يبعثون بعد مماتهم، وأنه لا ثواب ولا عقاب.

ثم قال تعالى: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } ، أي أخذنا فرعون وجنوده فأغرقناهم في البحر، فانظر يا محمد { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } ، أي انظر بعين قلبك، وفكر بفهمك، فكذلك نفعل بمن كذبك فقتلهم الله بالسيف.

ثم قال تعالى: { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } ، أي جعل الله فرعون وقومه أئمة للضلال، يأتم بهم أهل العتو على الله، يدعون الناس إلى الضلال الذي هو سبب الدخول إلى النار. { وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ }. أي لا ينصرهم من عذاب الله أحد، وقد كانوا في الدنيا يتناصرون.

ثم قال تعالى: { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً }. أي ألزمنا فرعون وقومه في هذه الدنيا حزناً وغضباً، وبعداً من الله { وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ }.

قال قتادة: لعنوا في الدنيا والآخرة وهو مثل قوله:وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } [هود: 99].

قال ابن جريج: { هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } مستأنف " فأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة لعنة ". فيجب على قوله: أن يقف القارئ على { القِيَامَةِ } ، والوقف عند نافع: " لعنة ". ومعنى { مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } ، أي من الذين قبحهم الله وأهلكهم بتكذيبهم رسوله موسى عليه السلام.

ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ } ،. أي ولقد أعطينا موسى التوراة من بعد ما أهلكنا الأمم التي كانت قبله، كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين، وغير ذلك من الأمم. { بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ } ، أي ضياء لبني إسرائيل في أمر دينهم. { وَهُدًى } ، أي وبياناً { وَرَحْمَةً } لمن عمل به منهم. { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ، أي يتذكرون نعم الله بذلك عليهم فيشكرونه، ولا يكفرون.

قال أبو سعيد الخدري: ما أهلك الله جل ذكره بعذاب من السماء ولا من الأرض بعدما أنزلت التوراة على وجه الأرض، غير القرية التي مسخ أهلها قردة، ألم تر أن الله يقول: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً }.

ثم قال تعالى: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } ، هذا الكلام تضمن إضماراً دل عليه المعنى. والمعنى: لم تكن يا محمد في جانب الغربي إذ قضينا إلى موسى أمرك، وذَكَرْنَاكَ بخير ذكر، لأن هذا الكلام لا يستعمل إلا في رجل جرى ذكره إما بخير أو بشر، ولا يذكر الله نبيه إلا بخير، ووصى باتِّباعِهِ إذا بعث، دل على ذلك قوله: { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } ، فنسوا الوصية وتركوها لطول الزمان عليهم.

السابقالتالي
2 3