الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } * { فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } * { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }

قوله تعالى: { وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ } ، إلى قوله: { مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } ،

أي جاء مخبر لموسى يخبره أن فرعون قد أمر بقتله، وأنهم يطلبونه، وذلك أن قول الإسرائيلي سمعه سامع فأفشاه فأمر فرعون بطلب موسى وقتله.

قال ابن عباس: انطلق الفرعوني الذي كان يقاتل الإسرائيلي إلى قومه فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي حين قال لموسى:أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ } [القصص: 19]. فأرسل فرعون الذباحين لقتل موسى، فأخذوا الطريق الأعظم وهم لا يخافون أن يفوتهم، فكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة، فاختصر طريقاً قريباً حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر.

قال قتادة: كان الرجل مؤمناً من آل فرعون.

وقيل: كان اسمه شمعون.

وقيل: شمعان.

وقيل: هو حزقيل مؤمن آل فرعون أنذر موسى أن أشراف آل فرعون يطلبونه، فخرج موسى إلى مدين خائف يترقب، وإنما خرج إلى مدين للنسب الذي بينهم وبينه، لأن مدين ولد إبراهيم، وموسى من بني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليهم. ومعنى يسعى: تعجل ويسرع من أقصى مدينة فرعون.

وقوله: { قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } ، أي إن قوم فرعون يتآمرون بقتلك، أي يأمر بعضهم بعضاً بذلك.

قال أبو عبيدة: يأتمرون: يتشاورون في قتلك.

وقيل: معناه: يهمون بك وكذلك قوله تعالى:وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } [الطلاق: 6] أي هموا به وأعزموا عليه.

ثم قال: { فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } ، أي من الناصحين في مشورتي عليك بالخروج، { فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ } ، أي خائفاً من قتله النفس أن يقتل به، يترقب: أي ينتظر الطلب أن يدركه.

قال ابن إسحاق: خرج على وجهه خائفاً يترقب لا يدري أي وجه يسلك، وهو يقول: { رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }. وقال: { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ } ، أي ولما جعل موسى وجهه قبل مدين قاصداً إليها { قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ / ٱلسَّبِيلِ } ، أي قصد الطريق إلى مدين، ولم يكن يعرف الطريق إلى مدين.

قال: ويروى أنه لما دعا الله بذلك، قيض له ملكاً سدده للطريق وعرفه إياها.

قال ابن عباس: خرج موسى متوجهاً نحو مدين وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، فإنه قال: { عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }.

قال ابن جبير: خرج موسى من مصر إلى مدين وبينهما مسيرة ثمان، فلم يكن له طعام إلا ورق الشجر. قال: { فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ } ، فما وصل إليها حتى وقع خف قدمه وكان بمدين يومئذ قوم شعيب.

ثم قال تعالى: { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } ، أي لما ورد موسى ماء مدين: { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ } ، أي جماعة يسقون غنمهم { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ } ، أي تحبسان غنمهما عن ورود الماء حتى يسقي الناس غنمهم إذ لم يتهيأ لهما مزاحمة الرجال على الماء.

السابقالتالي
2 3