الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } * { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله تعالى ذكره: { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ } ، إلى قوله: { نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } ،

أي قالت آسية لفرعون: هذا الغلام قرة عين لي ولك، لا تقتلوه.

ومعنى: قرة عين: أي برد لعيني وعينك (لا تستحر) أعيننا بالبكاء، فهو من القر، وهو البرد.

وقيل هو من قر بالمكان أي لم يبرحه.

وروي: أن امرأة فرعون لما قالت له هذا قال: أما لك فنعم، وأما لي فلا، فكان كما قال.

قال ابن عباس: لما أتت امرأة فرعون بموسى فرعون قالت: قرة عين لي ولك، قال فرعون: يكون لك /، وأما لي فلا حاجة لي فيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي يحلف به لو أقر فرعون أنه يكون له قرة عين كما أقرت لهداه الله جل ذكره به كما هدى به امرأته، ولكن الله حرمه ذلك " وقوله تعالى: { لاَ تَقْتُلُوهُ } ، بلفظ الجماعة إنما ذلك لأنها خاطبته كما يخاطب الجبار، وكما يخبر الجبار عن نفسه بلفظ الجماعة. ويروى: أنها إنما قالت لفرعون ذلك، يوم نتف موسى لحية فرعون، فأراد فرعون قتله.

وقيل: بل قالته له حين التقطه آل فرعون فأراد فرعون قتله. وقوله: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } ، أي لا يشعرون أن هلاكهم على يديه، وفي زمانه.

قال قتادة. وقال مجاهد: { لاَ يَشْعُرُونَ } أَنَّهُ عَدُوٌ لَهُمْ. وقيل: هذا الضمير على بني إسرائيل يعود، والمعنى: وبنو إسرائيل لا يشعرون ذلك.

ثم قال تعالى: { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً } أي أصبح فارغاً من كل شيء سوى ذكر موسى. قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة والضحاك. وقال ابن زيد: معناه أصبح فارغاً من الوحي الذي قال لها الله فيه:وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ } [القصص: 7]، فحزنت عليه وخافت. قال: جاءها إبليس فقال: يا أم موسى: كرهت أن يقتل فرعون موسى، فيكون لك أجره، وثوابه، وتوليت قتله، وألقيته في البحر وغرقته. قال الحسن: أصبح فارغاً من العهد الذي عهد إليها والوعد الذي وعدت أن يرد عليها ابنها، فنسيت ذلك كله، حتى كادت أن تبدي به لولا أن ربط الله على قلبها بالصبر لأبدت به.

قال ابن إسحاق: كانت أم موسى ترجع إليه حين ألقته في البحر، هل تسمع له بذكر حتى أتاها الخبر بأن فرعون أصاب الغداة صبياً في النيل في التابوت، فعرفت القصة، ورأت أنه قد وقع في يدي عدوه الذي فرت به منه، فأصبح فؤادها فارغاً من عهد الله جل ثناؤه إليها فيه، قد أنساها عظيم البلاء، ما كان من العهد عندها من الله فيه.

قال ابن زيد: { إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } ، أي بالوحي.

وقال ابن عباس: كادت تقول: وابناه.

السابقالتالي
2 3