قوله تعالى: { وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } ، إلى قوله: { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، أي أنجينا من عذابنا، ونقمتنا التي حلت بثمود صالحاً والمؤمنين به، وكانوا يتقون العذاب والنقمة، فآمنوا خوفاً من ذلك، فكذلك ننجيك يا محمد، ومن آمن بك عند حلول عقوبتنا بمشركي قومك. وروي: أن صالحاً صلى الله عليه وسلم لما أحل الله تعالى ذكره بقومه ما أحل من العذاب، خرج هو والمؤمنين به إلى الشام فنزل رملة فلسطين. ثم قال: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } ، أي واذكر لوطاً وإن شئت، وأرسلنا لوطاً: { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } يعني نكاح الرجال في أدبارهم. { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ، أي تبصرون أنها فاحشة، إذ قد علمتم أنه لم يسبقكم إلى ما تفعلون أحد. { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ } ، أي في أدبارهم شهوة منكم لذلك، من دون فروج النساء التي أباح الله لكم بالنكاح { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } ، أي تجهلون حق الله عليكم فخالفتم أمره. ثم قال تعالى: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ } ، أي فلم يكن جواب قوم لوط له لما نهاهم عن نكاح الرجال، إلا قول بعضهم لبعض: { أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } ، عما نفعله نحن من إتيان الذكران. قال ابن عباس: أي يتطهرون من إتيان النساء والرجال في أدبارهم. وقاله مجاهد. ثم قال تعالى: { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا } ، يعني أنجاهم من العذاب. { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا } ، أي جعلناها بتقديرنا { مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } ، أي من الباقين في العذاب. { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً } ، أي حجارة من السماء، أي أمطرنا الحجارة على من لم يكن حاضراً في المدائن المنقلبة على من فيها منهم. { فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } أي فساء المطر مطر القوم الذين أنذرهم الله عقابه على معصيتهم إياه. ثم قال: { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } أي قل يا محمد الحمد لله. وقال الفراء معناه: قل يا لوط الحمد لله على هلاكهم. { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } والقول الأول أحسن لأن القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم نزل، فهو المخاطب والمعنى: قل يا محمد الحمد لله على نعمه وتوفيقه لكم. { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ } ، أي وأمنه من عقابه الذي عاقب به قوم لوط، وصالح، على عباده الذين اجتباهم لمحمد صلى الله عليه وسلم فجعلهم له أصحاباً ووزراء على الدين الذي بعثه بالدعاء إليه. قال ابن عباس: { عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } ، أصحاب محمد عليه السلام وقاله الثوري. ثم قال: { ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } أجاز أبو حاتم تحقيق الهمزتين في " ءالله " ولم يوافقه على ذلك أحد، والمعنى: أثواب الله خير أم ثواب ما تشركون؟ وقيل: " خير " هنا ليست أفعل.