الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } * { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوۤاْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى ذكره: { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ } ، إلى قوله: { لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ،

أي قال صالح لقومه: لم تستعجلون بعذاب الله قبل رحمته؟.

قال مجاهد: وقيل السيئة: العذاب، والحسنة: العافية، وهذا يدل على أنه طلبوا منه أن يحل بهم العذاب الذي توعدهم به، واستعجلوه لوقوعه أنهم تكذيباً منهم للعذاب، ولما جاءهم به.

قوله: { لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ } أي هلا تسألون الله المغفرة من كفركم ليرحمكم.

ثم قال تعالى: { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } ،. أي قالت ثمود لصالح تشاءمنا بك وبمن معك لما يصيبنا من القحط والشدة، وقلة نماء الأموال، وذلك من اتباعك، فقال لهم صالح: { طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ } ، أي ما يصيبكم مما تكرهون عند الله علمه، ومن عند الله يأتيكم.

قال قتادة: معناه: علمكم عند الله.

وقال الفراء: عند الله، ومعناه: أي في اللوح المحفوظ ما يصيبكم. مثل: قولهطَائِرُكُم مَّعَكُمْ } [يس: 19]، أي ما يصيبكم من خير وشر لازم لكم في رقابكم.

وقوله: { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } ، أي تختبرون، أي يختبركم ربكم برسالتي إليكم، فينظر طاعتكم له فيما بعثني به إليكم.

ثم قال تعالى: { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ } ، أي كان في مدينة قوم صالح تسعة أنفس { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } ، أي يكفرون بالله ولا يؤمنون به، وخص هؤلاء بالذكر، وقد علم أن جميعهم كافرون، لأنهم هم الذين سعوا في عقر الناقة، وتعاونوا عليها، وتحالفوا على قتل صالح من بين ثمود.

قال ابن عباس: هم الذين عقروا الناقة، وقالوا حين عقروها: نبيت صالحاً وأهله فنقتلهم، ثم نقول لأولياء صالح: ما شهدنا من هذا شيئاً وما لنا به علم، فدمرهم الله أجمعين.

قال عطاء بن أبي رباح: بلغني عنهم أنهم / كانوا يقرضون الدراهم.

وقال الضحاك: كان هؤلاء التسعة عظماء أهل المدينة، وكانوا يفسدون، ويأمرون بالفساد، فجلسوا تحت صخرة عظيمة على نهر، فقلبها الله عليهم فقتلهم.

ثم قال تعالى: { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } ، أي تحالفوا كأنه أمر بعضهم بعضاً أن يتحالفوا بالله، ويجوز أن يكون تقاسموا فعلاً ماضياً في معنى الحال والتقدير: قالوا: متقاسمين بالله، والمعنى: قال تسعة الرهط: تحالفوا بالله أيها القوم، أي ليحلف بعضكم بعضاً لنبيتن صالحاً الليلة، وأهله فلنقتلنه { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ } ، أي ولي دمه { مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ }.

قال مجاهد: تحالفوا على إهلاكه فلم يصلوا إليه حتى هلكوا هم وقومهم أجمعون.

قال أبو إسحاق: قال التسعة الرهط الذين عقروا الناقة: هلم فلنقتل صالحاً، فإن كان صادقاً أي فيما يوعدنا به من العذاب بعد الثلاث عجلناه قبلنا، وإن كان كاذباً كنا قد ألحقناه بناقته. فأتوه ليلاً ليبيتوه في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة، فلما أبطأوا على أصحابهم، أتوا منزل صالح فوجدوهم متشادخين قد رضخوهم بالحجارة.

السابقالتالي
2 3