الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } * { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } * { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } * { وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } * { وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } * { وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } * { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } * { وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } * { فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ } * { وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } * { قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ } * { تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلاَّ ٱلْمُجْرِمُونَ }

قوله تعالى ذكره: قال { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } إلى قوله: { وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلاَّ ٱلْمُجْرِمُونَ } /.

أي: ما تعبدون من الأصنام انتم وآباؤكم المتقدمون قبلكم.

{ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } ، أي: يوم القيامة كما قالكَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 82] وأخبرنا الله تعالى عن الأصنام، كما يخبر عن من يعقل. جاز أن يقول هنا: " عدو لي ". وعدو يقع للجمع والمؤنث بلفظ واحد وقد قالوا: عدوة الله بمعنى معادية.

وقيل: هذا من المقلوب، لأن الأصنام لا تعادي أحداً، ولا تعقل، والمعنى فإني عدو لهم أي: عدو لمن عبدهم. وأصل العداوة، من عدوت الشيء، إذا تجاوزته وتخلفته.

ثم قال تعالى ذكره: { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } ، هو استثناء ليس من الأول أي: لكن رب العالمين، ويجوز أن يكون من الأول، على أن يكونوا قد كانوا يعبدون الله والأصنام، وتقدير الآية: أفرأيتم كل معبود لكم، ولآبائكم فإني منه بريء لا أعبد إلا رب العالمين.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } ، أي: يهدين للصواب من القول والعمل. { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } ، أي: وهو الذي يغذيني بالطعام والشراب، { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } ، أي: يبرءني ويعافين { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي } ، إذا شاء { ثُمَّ يُحْيِينِ } ، إذا أراد بعد مماتي.

{ وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } ، أي: يوم الجزاء على الأعمال، والطمع ها هنا بمعنى اليقين، كما جاء الظن بمعنى اليقين.

وقيل: الطمع على بابه. لكن أراد أنه يطمع أن يغفر الله للمؤمنين ذنوبهم يوم القيامة بإيمانهم، وهو على يقين من مغفرة الله له، لكن إجراء الخبر عن نفسه، والمراد غيره من المؤمنين.

قال مجاهد: الخطيئة قولهإِنِّي سَقِيمٌ } [الصافات: 89] وقوله:بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } [الأنبياء: 63] وقوله في سارة إنها أختي، حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها.

وقرأ الحسن: خطاياي: بالجمع، وقال: ليست: خطيئة واحدة، والخطيئة تقع معنى الخطايا كما يقع الذنب بمعنى الذنوب.

قال تعالى ذكره:فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ } [الملك: 11] أي: بذنوبهم، وكما قال:وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ } [البقرة: 43] أي: الصلوات.

ثم قال { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً } ، أي: نبوة { وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } ، أي: أرسلني إلى خلقك حتى أكون ممن ائتمنته على وحيك، { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } ، أي: ذِكراً جميلاً، وثناء حسناً باقياً فيمن يجيء من القرون بعدي. قاله ابن زيد.

وقيل: ذلك اللسان الصدق: إيمان جميع الأمم به. فأعطاه ذلك؛ فليس يهودي ولا نصراني ولا غيرهما من أهل الكتاب إلا يؤمن به ويحبه ويثني عليه، ويقول: هو خليل الله، وقد قطع الله تعالى ولاية جميع أهل الكتاب منه لما تولوه وادعوه، فقال:مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً } [آل عمران: 67] ثم ألحق ولايته بهذه الأمة فقال:

السابقالتالي
2 3