الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } * { ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } * { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } * { ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } * { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } * { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } * { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } * { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ } * { تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } * { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ }

قوله تعالى ذكره: { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } إلى قوله: { وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } أي: كما ختم على قلوب هؤلاء أنهم لا يؤمنون بهذا القرآن، ولو نزلناه على بعض الأعجمين، فقرأه عليهم، كذلك سلكه التكذيب / والكفر في قلوب المجرمين، ومعنى: سلكناه: أدخلناه. والهاء في سلكناه، تعود على قوله { مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } ، التقدير: كذلك أدخلنا ترك الإيمان في قلوب المجرمين.

قال ابن جريج: سلكناه: يعني الكفر.

وقال ابن زيد: الشرك، فليس يؤمنون حتى يعاينوا العذاب. وكذلك قال الحسن.

ثم قال: { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } ، أي: يأتهم العذاب فجأة وهم لا يعلمون بمجيئه. فيقولوا حين يأتهم فجأة: { هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } ، أي: يؤخر عن هذا العذاب وينسأ في آجالنا لتتوب من شركنا.

ثم قال تعالى: { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } ، أي: يستعجل هؤلاء المشركون بالعذاب لقولهم لن نؤمن لك حتى تسقط السماء، كما زعمت، علينا كسفاً.

ثم قال: { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } ، أي أرأيت يا محمد، إن أخرنا في آجالهم سنين ثم جاءهم العذاب الذي كانوا يوعدون.

{ مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } ، " ما " الأول في موضع نصب بأغنى. و " ما " الثانية: الفاعلة ويجوز أن تكون ما الأولى نافية، والثانية فاعلة، وتقدر حذفها من آخر الكلام. والتقدير: لم يغن عنهم الزمان الذي كانوا يمتعونه.

وقال عكرمة: عنى بالسنين: عمر الدنيا.

ثم قال: { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } أي: وما أهلكنا من قرية من القرى التي تقدم ذكرها، ومن غيرها إلا لها منذرون، ينذرونهم عذاب الله، ويكذرونهم نعمه، " ذكرى " في موضع نصب على المصدر، لأن منذرون بمعنى: مذكرون. فتقف على هذا على " ذكرى " وكذلك إن نصبت " ذكرى " بإضمار فعل: أي جعلنا ذلك ذكرى لهم.

وقيل: " ذكرى " في موضع رفع على إضمار المبتدأ تقديره: تلك ذكرى، وذلك ذكرى، وإنذارنا ذكرى.

{ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } ، أي: ما كنا نظلم قرية، فنهلكها من غير إنذار وتذكرة. فتقف على هذا على " منذرون " ثم تبتدئ " ذكرى " أي: هذا القرآن ذكرى للمتذكرين، ودل على هذا الإضمار قوله: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } الآية، أي: القرآن ذكرى للمتذكرين، لم تنزل به الشياطين { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ }.

ثم قال تعالى: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } ، أي: ما تنزلت الشياطين بهذا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن نزل به عليه الروح الأمين وهو جبريل صلى الله عليه وسلم. وقرأ الحسن: الشياطون بالواو وهو غلط لأنه جمع مكسر إعرابه في آخره.

ثم قال تعالى: { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } ، أي: وما يتأتى للشياطين أن ينزلوا بالقرآن، ولا يصلح لهم ذلك ولا يستطيعون أن ينزلوا به، لأنهم لا يصلون إلى استماعه في المكان الذي هو به من السماء.

السابقالتالي
2