الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } * { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } * { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } * { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } * { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ }

قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا } إلى قوله: { أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ }.

المعنى: أَوَلَمْ ير هؤلاء المكذبون بالبعث إلى الأرض كم أنبتنا فيها بعد أن كانت ميتة لا نبات فيها { مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } ، أي: من كل جنس حسن، فكما أحيينا الأرض بهذا النبات، كذلك نحييهم بعد الموت للبعث / يوم القيامة، لأن أصلهم من الأرض فهم كالأرض.

قال الشعبي: الناس من بنات الأرض فمن صار منهم إلى الجنة فهو كريم، ومن صار إلى النار فهو لئيم.

قال الفراء: الزوج اللون. ثم قال { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } أي: إن في إنباته النبات في الأرض لدلالة لهؤلاء المنكرين للبعث على كون البعث، وأن القدرة التي أنبت الله بها في الأرض ذلك النبات، ليقدر بها على نشر الموتى بعد مماتهم.

ثم قال { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } ، أي: قد سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون فأخبر عنهم ما سبق في علمه منهم.

ثم قال تعالى: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي: لا يمتنع عليه شيء يريده { ٱلرَّحِيمُ } ، أي: ذو الرحمة لمن تاب من كفره.

قال ابن جريج: كل شيء في الشعراء من قوله " عزيز رحيم " فمعناه عزيز حين انتقم من أعدائه، رحيم بالمؤمنين حين أنجاهم ممن أهلك.

ثم قال تعالى: { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } ، أي: واذكر يا محمد، إذ نادى ربك " موسى " بأن إئت القوم الظالمين، ثم بيَّنهم فقال: { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } ، أي: فقل لهم: ألا يتقون، وجاء باليا، لأنهم غيب عن المخاطبة.

ودل قوله: { أَلا يَتَّقُونَ } ، على أنهم كانوا لا يتقون، ودل أيضاً على أنه أمر موسى أن يأمرهم بالتقوى، فهذا من باب الإيماء إلى الشيء بغيره، لأنه أمره بأن يأتي القوم الظالمين ولم يبين لأي شيء يأتيهم، فدل قوله { أَلا يَتَّقُونَ } ، لأي شيء يأتيهم وهو الأمر بالتقوى والتقوى اسم جامع للخير كله من الإيمان والعمل. فكأنه قال: أن إئت القوم الظالمين ومرهم بالتقوى فهذا مفهوم الخطاب.

ثم قال تعالى: حكاية عن قول موسى: { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } ، أي: أخاف من قوم فرعون أن يكذبون بقولي: إنك أرسلتني إليهم، ويضيق صدري من تكذيبهم إياي، ولا ينطلق لساني بالعبارة عما ترسلني إليهم به للعلة التي في لساني.

ثم قال: { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } ، يعني أخاه، أي: ليؤازرني ويعينني، فالمعنى اجعله رسولاً لك معي.

ثم قال: { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ } ، أي: ولقوم فرعون علي ذنب أذنبته إليهم، وهو قتله القبطي بالوكزة { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } ، يعني قود بالنفس التي قتلت منهم. { قَوْمَ فِرْعَوْنَ } ، وقف، و { أَلا يَتَّقُونَ } ، التمام و { أَن يُكَذِّبُونِ } ، وقف إن رفعت { وَيَضِيقُ } على الاستئناف، فإن رفعت عطفت على { أَخَافُ } ، أو نصبت عطفت على { يُكَذِّبُونِ } ، كان التمام { يَقْتُلُونِ }.

السابقالتالي
2 3