قوله تعالى ذكره: { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ } ، إلى قوله: { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ }. فمعنى قوله { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ } ، أي: فكذبوا هوداً فيما جاءهم به، فأهلكوا بتكذيبهم. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } أي لعبرة: أي: إن في إهلاكنا عاداً بتكذيبهم رسلنا لعظة. { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } ، أي: أكثر عاد لم يكونوا مؤمنين. { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } في انتقامه { ٱلرَّحِيمُ } بمن تاب وآمن. ثم قال تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } ، ثمود: اسم للقبيلة عند من لم يصرفه، ومن صرفه جعله اسماً للأب، وتفسير قوله: { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ } ، إلى قوله { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، قد تقدم نظيره، وهو مثل ذلك. ثم قال تعالى: { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } ، أي: أيترككم ربكم في هذه الدنيا: آمنين لا تخافون شيئاً. { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } ، أي: بساتين تجري فيها العيون. ثم قال: { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } ، قال ابن عباس: هضيم: أي أينع وبلغ فهو هضيم. قال عكرمة: هو الرطب اللين. قال الضحاك: إذا كثر حمل الثمرة: فتركب بعضه على بعض فهو حينئذٍ هضيم. وقال الزهري: هو الرحض اللطيف، أول ما يطلع وهو الطلع النضيد، لأن بعضه فوق بعض. وأصل الهضيم في اللغة انضمام الشيء، وتكسره، للينه، ورطوبته. ومنه: قولهم: هضم فلان فلاناً حقه: إذا انتقصه وأبخسه، وهضيم مفعول صرف إلى فعيل. وقيل: هضيم منه ما قد أرطب ومنه / ما هو مذنب. وقيل: هضيم أي: هاضم مرئ، فيكون على هذا فعيل، بمعنى: فاعل. ثم قال تعالى: { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } ، أي: تنقبون في الجبال بيوتاً أشرين بطرين. وقال قتادة: معجبين، وعنه عن الحسن: آمنين. وقال الضحاك: كيسين. وقال مجاهد: شرهين وقال أبو صالح: حاذقين. وكذلك روي أيضاً عن الضحاك. وكذلك، قال معاوية بن قرة، ومنصور بن المعتمر. وقد روي ذلك عن ابن عباس أيضاً. وقال ابن زيد: فرهين: أقوياء. وقال أبو عبيدة: مرحين. ومن قرأ: فارهين: بألف، فقيل: الهاء بدل من حاء. وقيل: هما لغتان. يقال فَرِه: يَفْرَه فهو: فاره، وفَرِه، يَفْرُهُ فهو فَرِهٌ وفاره: إذا كان نشيطاً. { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } ، قد مضى تفسيره. ثم قال: { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } ، أي: المسرفين على أنفسهم، في تماديهم على معصية الله جلّ وعز. يعني الرهط التسعة بينهم. فقال: { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } ، أي: يسعون في أرض الله بمعاصيه، ولا يصلحون أنفسهم بالعمل الصالح. { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } ، قال مجاهد وقتادة: من المسحرين: من المسحورين. وقال ابن عباس: من المخلوقين. أي: ممن له سحر، والسِّحْر والسَّحْر: الرئة. وقيل: السحر: الصدر الذي يجري فيه الطعام إلى المعدة. وقيل: معناه من المعلَّلين بالطعام والشراب. { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } ، أي: أنت من بني آدم: تأكل كما نأكل.