قوله تعالى: ذكره { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا / مِنْ أَزْوَاجِنَا } ، إلى آخر السورة. أي: والذين يرغبون إلى الله في دعائهم، ومسألتهم أن يهب لهم قرة أعين، من أزواجهم، وذرياتهم؛ أي: ما تقر به أعينهم من أولادهم، وذلك أن يريهم إياهم يعملون بطاعة الله. قال الحسن: ذلك في الدنيا وهو المؤمن يرى زوجه وولده مطيعين لله، وأي شيء أقر لعين المؤمن أن يرى زوجته وولده مطيعين لله. قال ابن جريج: معناه: يعبدونك فيحسنون عبادتك. وقال ابن زيد: يسألون لأزواجهم وذرياتهم الإسلام. ثم قال تعالى ذكره: { وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } ، أي: اجعلنا يقتدي بنا من بعدنا في الخير، قاله ابن عباس، وعنه أيضاً: المعنى اجعلنا أئمة هدى يهتدى بنا، ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال في السعادة{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } [الأنبياء: 73]، وقال في أهل الشقاء:{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } [القصص: 41]. قال مجاهد: معناه: واجعلنا أئمة نقتدي بمن قبلنا، ونكون أئمة لمن بعدنا. وقوله { إِمَاماً } وحد لأنه مصدر كالقيام والصيام. وقيل: هو واحد يدل على الجمع كالعدو. وقيل: هو جمع آثم وإمام كقائم وقيام. ثم قال تعالى ذكره: { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ } ، أي: هؤلاء الذين تقدم ذكرهم يجزون الغرفة أي يثابون على أعمالهم: الغرفة، وهي منزل من منازل الجنة. { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً * خَالِدِينَ فِيهَا } ، أي: دائمين المقام، ماكثين فيها. { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } ، أي: حسنت تلك الغرفة مستقراً، أي: قراراً { وَمُقَاماً } ، أي: إقامة. ثم قال تعالى: { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } ، أي: قل يا محمد لهؤلاء الذين أرسلت إليهم: ما يعبأ بكم ربي، أي: أي شيء يصنع بكم ربي، لولا دعاؤكم إلى الإيمان؟ قال ابن عباس: لولا دعاؤكم: لولا إيمانكم، فأخبر جلّ ذكره الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يجعلهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين. وقال مجاهد: لولا دعاؤكم: أي: لولا دعاؤكم إلى الله لتعبدوه وتطيعوه. قال الفراء: لولا دعاؤكم: لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام. ومعنى: ما يعبأ أي: ما يصنع بكم. قال الزجاج: لولا دعاؤكم. أي: لولا توحيدكم إياه. ومعنى ما يعبأ بكم أي: وزن لكم عنده من قولك: ما عبأت بفلان أي: ما كان له عندي وزن ولا قدر. قال: وأصل العبء في اللغة: الثقل. وقوله: { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } ، هو يوم بدر. وقيل: هو ما لوزم بين القتلى يوم بدر. والتقدير: فسوف يكون عاقبة تكذيبهم اللزام. وعن مجاهد أنه قال في معناه: لولا دعاؤه إياكم لتطيعوه فقد كذبتم فسوف يكون عذابكم لزاماً وقد مضى اللزام وهو يوم بدر. وقيل: المعنى: لا منفعة لله في خلقه إياكم إذ لا يضره فقدكم، لولا ما أراد من دعائه إياكم إلى طاعته، ليجازيكم على ذلك إن قبلتموه ويعاقبكم إن عصيتموه فقد كذبتم فسوف تعلمون.