الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } * { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }

قوله تعالى ذكره: { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً } ، إلى قوله: { وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }.

أي: جعل كل واحد من الليل والنهار خلفاً من الآخر ما فات في أحدهما من عمل الله أدرك قضاؤه في الآخر. قاله عمر رضي الله عنه، وابن عباس والحسن قال مجاهد: معناه أنه جعل كل واحد منهما مخالفاً لصاحبه جعل هذا أسود وهذا أبيض.

وعن مجاهد أيضاً: أن المعنى: أنه جعل كل واحد منهما يخلف صاحبه، إذا ذهب هذا جاء هذا، وكذلك قال ابن زيد، وخلفة: مصدر ولذلك وحد.

قال ابن زيد: لو كان الدهر كله ليلاً لم يدر أحد كيف يصوم، ولو كان نهاراً لم يدر أحد كيف يصلي.

وقيل: المعنى: جعل الليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، لمن أراد أن يتذكر نعم الله عليه في ذلك. ويشكره على ما فعل بمعاقبة الليل والنهار، إذ لو كان الدهر كله ليلاً لبطلت المعائش والتصرف فيها، ولم يتم زرع ولا ثمر. ولو كان الدهر كله نهاراً لبطلت الأجساد عند عدم الراحة، ولبطلت الزراع والثمار: لدوام الشمس عليها، فجعل كل واحد يخلف الآخر لمن أراد أن يتذكر نعمة الله في ذلك على خلقه، وحسن تدبيره لهم في منامهم.

ثم قال تعالى: { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ } ، عباد رفع بالابتداء، والخبر محذوف عند الأخفش.

وقال الزجاج وغيره: الخبرأُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ } [الفرقان: 75].

وقيل: الخبر { ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ } ، { سَلاَماً } ، منصوب على المصدر، وإن شئت " تعالوا ".

وقوله: { قَالُواْ سَلاَماً } ، منسوخ بالأمر بالقتال: إنما كان هذا قبل أن يؤمروا بالقتال ولم يتكلم سيبويه في شيء من الناسخ والمنسوخ إلا في هذه الآية، وهو من التسلم، لا من التسليم تقول: " سلاماً منك " أي: تسلماً منك.

قال سيبويه في الآية: ولم يؤمر المسلمون يومئذٍ أن يسلموا على المشركين، ولكنه على قولك لا خير بيننا ولا شر، وقد ردت على سيبويه هذه العبارة. إنما كان حسبه أن يقول: ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يحاربوا المشركين. ومعنى قول سيبويه على الصحة، ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يُسَلّموا على المشركين، ولكن أمروا أن يَسْلَموا منهم ويتبرءوا ثم نسخ ذلك بالأمر بالحرب. ومعنى الآية: وعباد الرحمن الذين يرضاهم لنفسه عباداً: هم الذين يمشون على الأرض في سكون، وتواضع، وخشوع، واستكانة. وهذا هو ضد مشي المختال الفخور المرح الذي هو مذموم الحال.

ومعنى { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } ، أي: إذا خاطبهم أهل الجهل من العصاة والكفار بالقبيح صانوا أنفسهم عن مساواتهم في القبيح، قالوا قولاً حسناً يسلمون به من مساواتهم في القبيح.

وهم الذين يبيتون لربهم: يصلون ويقولون كذا وكذا، ما حكى الله عنهم.

السابقالتالي
2 3