الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً }

قوله تعالى ذكره: { تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ } إلى قوله: { رَجُلاً مَّسْحُوراً }.

قال ابن عباس تبارك من البركة.

وقال الفراء هي في العربية وتقدس واحد وهما العظمة.

وقال الزجاج: تبارك: تفاعل من البركة ومعنى البركة الكثرة من كل خيره.

وقيل: تبارك: تعالى عطاؤه، أي: زاد وكثر.

وقيل: معناه: دام وثبت إنعامه.

وقيل: معناه: دام بقاء { ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ } ، وثبتت نعمه على عباده، وهو كله مشتق من برك الشيء: إذا ثبت ومنه برك الجمل.

وقال النحاس، تبارك: تفاعل من البركة. وهو حلول الخير، ومنه فلان: مبارك أي: الخير يحل بحلوله، مشتق من البرك، والبركة وهما المصدر.

والفرقان: القرآن، سمي بذلك لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر.

وقوله { لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } ، أي: الذي أنزل عليه الفرقان ليكون لجميع الجن والإنس.

{ نَذِيراً } ، أي: منذراً لهم عقاب الله والنذير: المخوف عقاب الله، والنذير هو محمد صلى الله عليه وسلم.

وقيل: هو القرآن.

وقوله:وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [فاطر: 24] يدل على أنه: محمد صلى الله عليه وسلم ومثلهلأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } [الأنعام: 19] وأنذركم بالوحي ونذير بمعنى: منذر ولكن تضمن بناء فعيل للتكثير.

ثم قال: { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، أي: سلطان ذلك كله وملكه. { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } ، هذا رد على من أضاف إليه الولد.

ثم قال: { وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } ، هذا رد وتكذيب لمن عبد مع الله غيره، ورد على قول العرب في التلبية: (لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك).

ثم قال: { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } ، أي: اخترعه { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } ، أي: هيأه لما يصلح له، فلا خلل فيه ولا تفاوت.

وقيل: معناه: خلق الحيوان وقدَّر له ما يصلحه ويهيئه.

ثم قال: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } ، أي: اتخذ مشركو قريش آلهة يعبدونها من دون الله يقرعهم بذلك، ويعجب أهل النهى من فعلهم وعبادتهم ما لا يخلق شيئا وهو يُخلق، ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً أي: لا يملك الآلهة دفع ضر، ولا استجلاب نفع. ولا يملك إماتة حي، ولا إحياء ميت، ولا ينشره بعد مماته.

وتركوا عبادة من يملك الخير والنفع ويحيي ويميت، خلق كل شيء وهو مالك كل شيء، ينشر الأموات إذا أراد، ويرزق الخلق بمشيئته.

ثم قال: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ } ،: أي: قال هؤلاء المشركون: ما هذا الذي أتى به محمد إلا كذب وبهتان إخترعه واختلقه { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ } ، يعنون أن اليهود هم يعلمون محمداً صلى الله عليه وسلم. ما يأتي به من القرآن قاله مجاهد.

وعن ابن عباس: أنهم عنوا بقولهم { قَوْمٌ آخَرُونَ } ، يسارا أبا فُكيهة مولى الحضرمي وعداساً وجبراً.

السابقالتالي
2