الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } * { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً }

قوله تعالى ذكره: { وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } ، إلى قوله: { وَقَمَراً مُّنِيراً }.

أي: والله الذي خلط البحرين الحلو والملح في رأي: العين، ومرج بمعنى خلط.

وقيل: معناه: خلى.

وقيل: معناه أدام ماء البحرين جعل إدامته الماء فيهما مرجاً وحبساً للماء، { وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً } ، قال مجاهد: محبساً.

وقال ابن زيد: ستراً.

{ وَحِجْراً مَّحْجُوراً } أي: منعاً لئلا يفسد العذب المالح، فبينهما حاجز من قدرة الله تعالى وجلّ ثناؤه.

ثم قال { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً } ، أي: النطفة: خلق منها الإنسان { فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً }.

قال ابن عباس: النسب سبع وهي في قوله تعالى ذكره:حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ } [النساء: 23]، إلىوَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ } [النساء: 23] والصهر سبع وهي في قوله:وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ } [النساء: 23] إلى آخر ذكر الصهر.

وقال الضحاك: النسب: الأقرباء، والصهر ذوات الرضاع.

وقيل: النسب الذكور من الأولاد، والصهر: الإناث من الأولاد لأن المصاهرة من جهتهن تكون.

وقال الأصمعي: الختَن كل شيء من قبل المرأة مثل ابن المرأة وأخيها، والأصهار يجمع هذا كله يقال: صاهر فلان إليهم وأصهر.

وقال ابن الأعرابي: الأَختَان: أبو المرأة وأخوها وعمها، والصهر: زوج ابنة الرجل، وقرابته، وأصهاره: كل ذي محرم من زوجته.

وقيل: عني بقوله: { خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً } ، آدم خلقه من الأرض التي أصلها مخلوقة من ماء. وقد أخبرنا الله جلّ ذكره أنه خلق جميع الحيوان من ماء: فقال:خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ } وقال:وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [الأنبياء: 30].

ثم قال: { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ } ، أي: يعبد هؤلاء المشركون من دون الله ما لا يجلب لهم نفعاً، ولا يدفع عنهم ضرراً.

ثم قال تعالى: { وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } ، أي: معيناً للشيطان على ربه مظاهراً له على معصيته.

قال ابن جريج: هو أبو جهل ظاهر الشيطان على ربه. وقاله ابن عباس.

وقال عكرمة: الكافر: إبليس وعن ابن عباس أن الكافر يستظهر بعبادة الأوثان على أوليائه. وعنه أنه قال: هو أبو جهل، كان عوناً لمن عادى الله ورسوله.

وقيل معناه: إن الكافر يستظهر بعبادته الأوثان، وبمن يعبدها معه من الكفار على الله عز وجل لأنهم يطمعون أن يغلبوا رسول الله صلى الله عليه [وسلم]، والكافر اسم لجنس جميع الكفار.

وقيل: معناه: وكان الكافر على ربه هيّنا، من قولهم ظهرت به، فلم ألتفت إليه، إذا جعلته خلف ظهرك فلم تلتفت إليه. فكأن الظهير أصله مفعول، ثم صرف إلى فعيل وهو قول أبي عبيدة.

ثم قال تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } ، أي: لم نرسلك يا محمد إلا لتبشر أهل الطاعة بالجنة، وتنذر أهل المعصية بالنار.

السابقالتالي
2 3