الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } * { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً } * { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }

قوله تعالى ذكره: { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } ، إلى قوله: { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }.

أي: واذكر يا محمد يوم يعض الظالم نفسه، المشرك بربه على يديه، تندما وأسفا على ما فرط في جنب الله يقول: يا ليتني اتخذت في الدنيا مع الرسول سبيلاً، أي: طريقاً إلى الجنة وإلى النجاة من عذاب الله. والظالم هنا: عقبة ابن أبي معيط و (فلاناً) كناية عن (أُبيّ بن خلف). قال ابن عباس: كان أُبيّ بن خلف يحضر عند النبي عليه السلام، فزجره عقبة بن أبي معيط، فالظالم: عقبة، وفلاناً: أبي بن خلف.

وقال: الشعبي: كان عقبة بن أبي معيط خليلا لأمية بن خلف. فأسلم عقبة، فقال أمية، وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمداً فكفر، فهو الذي قال: { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } يعني أمية بن خلف.

وقال: مقسم: اجتمع عقبة بن أبي معيط، وأبي بن خلف وكانا خليلين، فقال أحدهما: بلغني أنك أتيت محمداً، فاستمعت منه، والله لا أرض عنك حتى تتفل في وجهه، وتكذبه، فلم يسلطه الله على ذلك، فقتل عقبة يوم بدر صبرا، وأما أُبيّ بن خلف فقتله النبي يوم أحد في القتال، وهما اللذان ذكرا في هذه الآية.

وقال مجاهد دعا عقبة بن أبي معيط مجلساً فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لطعام، فأبى النبي عليه السلام أن يأكل فقال: لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالها، فلقيه أمية بن خلف، فقال: صبوت، فقال، إن أخاك على ما تعلم، ولكني صنعت طعاماً، فأبى أن يأكل حتى أقول ذلك فقلته، وليس من نفسي، فأما عقبة فكان في الأسرى يوم بدر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله فقال: أقتل دونهم، فقال: نعم بكفرك وعتوك، فقال من للصّبية؟ فقال: النار، فقام علي / بن أبي طالب فقتله، وأما أبيّ بن خلف، فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده، وكان قد قال: والله لأقتلن محمداً، فبلغ ذلك النبي عليه السلام فقال: أنا أقتله إن شاء الله، فالعاض على يديه هو عقبة.

روي: أنه يعض على يديه يوم القيامة، أسفاً على ما فاته من الإسلام، وما فعل من الكفر، فيأكلها حتى يبلغ إلى المرافق ثم تنبت، فلا يزال هكذا كلما أكلها تنبت، ندامة على ما فرط ويقول: { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } يعني: أبي بن خلف الذي رده عن الإيمان.

وقيل، عني بالظالم: كل ظالم ظلم نفسه بالكفر بالله، ولذلك قال { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } ، فأتى بلفظ فلان الذي يصلح أيضا لكل إنسان، فالظالم اسم عام، وفلان اسم عام، فالندم والتحسر يكون من كل ظالم لنفسه بالكفر.

السابقالتالي
2 3