الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } * { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } * { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } * { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } * { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً } * { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } * { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ }

قوله تعالى ذكره: { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } ، إلى قوله: { ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ }.

أي: انظر يا محمد كيف شبه لك هؤلاء المشركون الأشياء بقولهم: هو مسحور، فضلوا بذلك عن قصد السبيل { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } ، أي: لا يجدون طريقاً إلى الحق الذي بعثتك به. قاله ابن عباس.

وقال مجاهد: لا يجدون مخرجاً يخرجهم عن الأمثال التي ضربوا لك. ومعناه: إنهم ضربوا هذه الأمثال ليتوصلوا بها إلى تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فضلوا بذلك عن سبيل الحق وعن بلوغ ما أرادوا.

ثم قال { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ } ، أي: خيراً ممّا قال المشركون لك هلا أوتيته. قاله مجاهد.

وقال ابن عباس: خيراً من ذلك، أي: من مشيك في الأسواق، والتماسك المعاش. ثم بين ما هو الذي يجعل له فقال: { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } ، قال خيثمة: " قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت أن يعطوك خيرا من الدنيا ومفاتيحها، ولم يعط ذلك من قبلك، ولا يعطه أحد بعدك، وليس ذلك بناقصك في الآخرة شيئا، وإن شئت جمعنا لك ذلك في الآخرة.

فقال: يجمع لي ذلك في الآخرة " ، فأنزل الله تبارك وتعالى: { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ / خَيْراً مِّن ذٰلِكَ } الآية.

قال: مجاهد: قصوراً بيوتا مبنية مشيدة. وكانت قريش ترى البيت من حجارة قصراً كائناً ما كان.

ثم قال تعالى: { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } ، أي: ما فعل هؤلاء المشركون، ما فعلوا من تكذيب يا محمد إلا لأنهم كذبوا بالبعث، والنشر والقيامة.

ثم قال تعالى ذكره: { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } ، أي: ناراً تسعر عليهم وتتقد. { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } ، أي: إذا رأت النار أشخاصهم من مكان بعيد. { سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } ، أي: غلياناً وفواراً.

يقال، فلان يتغيظ على فلان: إذا غضب عليه فغلى صدره من الغضب عليه. وزفيراً: أي: صوتها حين تزفر، والتقدير سمعوا صوت التغيظ من التلهب والتوقد.

وقيل: معناه: سمعوا لمن فيها من المعذبين تغيظاً وزفيراً.

وقال المسيب بن رافع: يكون الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي، فتخرج عنق من النار. فتقول: إني وكلت بثلاثة بمن دعا مع الله إلهاً آخر وبالعزيز الكريم، وبكل جبار عنيد. فتنطوي بهم فتدخلهم النار قبل الناس بنصف يوم. ثم ينطلق الفقراء إلى الجنة فتقول لهم خزنة الجنة: أنَّ لكم هذا قبل الحساب؟ فيقولون والله ما أعطيتمونا أموالاً وما كنا أمراء فتصدقهم الملائكة فتأذن، فيدخلون الجنة قبل الناس بنصف يوم ويبقى الحساب على الأغنياء والأمراء، فيقول الرب تبارك وتعالى: (إياكم أعطيت، وإياكم ابتليت) فيحاسبون.

السابقالتالي
2 3