الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

قوله تعالى: { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً } إلى قوله: { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ،

أي: واللواتي قعدن من النساء عن التزويج وعن الولد من الكبر، ولا يرجون نكاحاً، ولا يرغب في نكاح مثلهن، فلا إثم عليهن، أن يضعن القناع الذي يكون فوق الخمار، والرداء عند أولي المحارم من الرجال غير متبرجات بزينة. خفف الله تعالى عنهن في وضع ثيابهن، إذ لا يرغب في النظر إليهن الرجال، ولا في نكاحهن، والنظر إلى شعورهن وما هو عورة منهن، لا يجوز لأحد فعله بمثل الشابة.

وإنما خفف الله تعالى ذلك عنها ولم يبح للرجال النظر إلى شيء من عوراتهن من شعر وغيره، وإن كن لا يرغب في نكاحهن. واحدتهن قاعد بغير هاء وحذفت الهاء عند البصريين على النسبة.

وقال الكوفيون: لما كان لا يقع إلا لمؤنث حذفت الهاء.

وقيل: حذفت منه الهاء ليفرق بينه وبين القاعدة التي هي الجالسة.

وقوله تعالى: { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ } ، أي: ألا يضعن ذلك خير لهن.

وقال مجاهد: معناه: أن يلبسن جلابيبهن فلا يضعنه خير لهن.

{ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } ، أي: يسمع ما تنطق ألسنتهم عليم بما تضمره صدورهم.

ثم قال: { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } ، الآية.

هذه الآية نزلت ترخيصاً للمسلمين أن يأكلوا مع العميان والعرج / والمرضى، وأن يأكلوا في بيوت غيرهم، وعلى بمعنى " في " وذلك أنهم تحرجوا من ذلك لما نزلت { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ } ، قاله ابن عباس.

وقال الضحاك: كان أهل المدينة قبل النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى، ولا أعرج، ولا مريض على طريق التقزز.

وقيل: على طريق التحرج. لأن المريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح، والأعرج المحتبس لا يستطيع المزاحمة على الطعام، والأعمى لا يبصر طيب الطعام، فأنزل الله تعالى إباحة ذلك في هذه الآية.

وقيل: نزلت ترخيصاً لأهل الزمانة في الأكل من بيوت من سمى الله في هذه الآية. لأن قوماً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا لم يكن عندهم في بيوتهم ما يطعمونهم ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم أو بعض من سمى الله، وكان أهل الزمانة يتحرجون أن يطعموا ذلك الطعام، قال ذلك مجاهد. وقيل: نزلت ترخيصاً لأهل الزمانة أن يأكلوا من بيوت من خلفهم في بيوته من الغزاة. وكان الغزاة يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، فكانوا يتحرجون من ذلك. قاله الزهري.

وقيل: بل عني بذلك الجهاد، أي لا إثم عليهم في التخلف عن الجهاد. ثم ابتدأ كلاماً آخر فقال: { وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } ، قاله ابن زيد.

السابقالتالي
2 3 4