قوله تعالى ذكره: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } إلى قوله: { ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }. قرأ الحسن { قَوْلَ } بالرفع على اسم كان، وهذه الآية تأديب للمؤمنين ليسارعوا إلى طاعة الله ورسوله إذا دعوا إلى حكم. ولفظه لفظ الخبر ومعناه التحضيض أن يفعل المؤمنون كذلك. وقوله: { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } ، معناه المدركون طلباتهم بفعلهم. ثم قال: { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ }. قال ابن أبي كُريمة: معناه من يطع الله فيوحده، ورسوله فيصدقه، ويخش الله فيما مضى من ذنوبه، ويتقه فيما بقي من عمره فأولئك هم الفائزون. الفوز في اللغة: النجاة، والفلاح: البقاء في النعيم. وقيل: المعنى: من يطع الله فيما أمره به، ونهاه عنه ويسلم لحكمه له / وعليه، ويخشى عاقبة معصية الله، ويتق عذاب الله، فأولئك هم الفائزون أي الناجون من عذاب الله. ثم قال: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ } ، أي: وحلف هؤلاء المعرضون عن حكم الله ورسوله إذا دعوا إليه: جهد أيمانهم، أي أغلظ أيمانهم وأشدها لئن أمرتهم يا محمد بالخروج إلى الجهاد ليخرجن. قل لهم يا محمد: لا تقسموا أي لا تحلفوا هذه طاعة معروفة بينكم فيها التكذيب. وقيل: المعنى لا تحلفوا طاعة معروفة أمثل: من قسمكم. وقال مجاهد: معنى طاعة معروفة: أي قد عرفت طاعتكم أي أنكم تكذبون. ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ، من طاعتكم له ولرسوله وخلاف أمرهما وغير ذلك من أموركم. وأجاز الزجاج: { طَاعَةٌ } بالنصب على المصدر { لاَّ تُقْسِمُواْ } ، تمام. ثم قال: { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } ، أي: قل يا محمد لهؤلاء المقسمين ليخرجن معك إذا أمرتهم: أطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، وأطيعوا الرسول { فَإِن تَوَلَّوْاْ } ، يصلح أن يكون ماضياً، ومستقبلاً، ولكن هو هنا مستقبلاً بدليل قوله: { عَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } ، ولو كان ماضياً لقال: عليهم ما حملوا. ومعنى: " عليكم ما حملتم " أي عليكم فعل ما أمركم به الرسول. وعليه ما حمل أي ما كلف من التبليغ. ثم قال: { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ } ، أي: إن تطيعوا الرسول فيما أمركم به، ونهاكم عنه: تهتدوا أي ترشدوا وتصيبوا الحق { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } ، أي: ليس على من أرسله الله إلى قوم برسالة إلا أن يبلغهم رسالات الله بلاغاً بيناً، ويفهمهم ما أراد الله منهم فيما أرسله به إليهم.