الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } * { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

قوله تعالى ذكره: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ } إلى قوله: { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ،

أي إن الذين يرمون بالفاحشة المحصنات، أي العفيفات الغافلات عن الفواحش، المؤمنات بالله ورسوله لعنوا في الدنيا والآخرة، أي أبعدوا من رحمة الله في الدنيا والآخرة.وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 33].

قال ابن جبير: هذا في عائشة خاصة لأن الزنا أشد من قذف المحصنة وقد جعل الله في الزنا التوبة.

وقال الضحاك: ذلك لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن خاصة.

وقال ابن زيد: هو في عائشة، ولمن صنع ذلك اليوم في المسلمات فله مثل ذلك.

وقال ابن عباس: هي في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رماهن أهل النفاق فأوجب الله لهم اللعنة والغضب وباءوا بسخط من الله فكان ذلك في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزل بعد ذلك:وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } [النور: 4]، إلىفَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [النور: 5] فأنزل الله عز وجل الجلد والتوبة، فالتوبة تقبل والشهادة ترد. فقول ابن عباس، والضحاك يوجب أن من قذف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في الدنيا والآخرة، ومن قذف غيرهن فهو فاسق.

واختار النحاس أن يكون عاماً للمذكر والمؤنث والتقدير: والذين يرمون الأنفس المحصنات، فيدخل فيه المذكر والمؤنث، وإنما غلب المؤنث هنا لأنه إذا قذف امرأة فقد قذف معها رجلاً فاستغنى بذكر المرأة عن الرجل.

ثم قال تعالى: { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ / وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، أي ولهم عذاب عظيم في يوم تشهد عليهم جوارحهم بعملهم، يعني: يوم القيامة، وألسنتهم تشهد عليهم بعد الختم على أفواههم.

وقيل: إن ألسنة بعضهم تشهد على بعض.

وقد روى الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم، فيقال له: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك. فيقول: كذبوا، فيقال: أهلك وعشيرتك. فيقول: كذبوا. فيقول الله عز وجل: أتحلفون؟ فيحلفون ثم يصمتهم الله وتشهد ألسنتهم، ثم يدخلهم النار ".

ثم قال تعالى: { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ } ، أي يوم تشهد عليهم جوارحهم بالحق يوفيهم الله في جزاءهم الحق على أعمالهم، والدين: الجزاء والحساب.

ثم قال: { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } ، أي ويعلمون يومئذ أن الله هو الحق، أي هو الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب، فمجازاة الكافر والمسيء بالحق والعدل، ومجازاة المحسن بالفضل والإحسان.

ثم قال تعالى ذكره: { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ } ، الآية.

قال ابن جبير، وعطاء، ومجاهد: معناها الكلمات الخبيثات للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من القول والطيبات من الكلام للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول.

السابقالتالي
2 3