قوله تعالى ذكره: { أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } إلى قوله { سَامِراً تَهْجُرُونَ }. معناه: أولئك يسارعون في الخيرات، أي: الذين [هم] هذه صفتهم " يسارعون " أي: يسابقون في الأعمال الصالحة. قال ابن زيد: " الخيرات " المخافة، والوجل، والإيمان، والكف عن الشرك بالله. ثم قال: { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }. أي: قد سبقت لهم من الله السعادة فذلك سبقهم في الخيرات كل من عنده. قال ابن عباس: " وهم لها سابقون " سبقت لهم من الله تعالى السعادة. وقيل معناه: وهم إليها سابقون. وقيل المعنى: وهم من أجلها سابقون، أي من أجل اكتسابهم الخيرات يسبقون إلى رحمة الله. وقيل المعنى: فهم إلى أوقاتها سابقون، لأن الصلاة في أول الوقت أفضل. ثم قال تعالى ذكره: { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا }. أي: إلا ما تطيق من العبادة. { وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ } أي: وعندنا كتاب يبين بالصدق عما عملوا من عمل في الدنيا. { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }. أي: لا يزاد على أحد من سيئات غيره ولا ينقص من حسناته، وهو الكتاب الذي كتبت فيه أعمال الخلق عند الملائكة تحتفظ به. ثم قال تعالى: { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا }. أي في عماية من هذا القرآن. وقيل: المعنى: بل قلوبهم في غطاء عن المعرفة بأن الذي نمدهم به من مال وبنين، إنما هو استدراج لهم. وقال قتادة: المعنى، بل قلوبهم في غمرة من وصف أهل البر ببرهم، وهو ما تقدم من صفة المؤمنين. والغمرة، الغطاء والغفلة. ثم قال تعالى: { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ }. أي: ولهؤلاء الكفار أعمال من المعاصي والكفر من دون أعمال أهل الإيمان بالله، قاله قتادة. قال مجاهد: " من دون ذلك " من دون الحق. وقال الحسن: معناه: ولهم أعمال لم يعملوها، سيعملونها يعني الكفار. وقيل: معناه، لهؤلاء الكفار أعمال سبقت في اللوح المحفوظ أنهم سيعملونها وسيعلمونها. وقال مجاهد: لم يعملوها وسيعملونها. ثم قال تعالى: { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ }. أي: لكفار قريش أعمال من الشر من دون أعمال أهل البر هم لها عاملون إلى أن يأخذ الله أهل النعمة والبطر منهم بالعذاب إذا هم يضجون ويستغيثون. قال ابن زيد: " المترفين " العظماء. قال مجاهد: " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ". قال: بالسيوف يوم بدر. وقال الربيع بن أنس: { يَجْأَرُونَ } يجزعون. قال ابن جريج: " بالعذاب " يعني عذاب يوم بدر، { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يعني أهل مكة، يعني يضجون ويستغيثون على قتالهم. قال الضحاك: أهل بدر أخذوا بالعذاب يوم بدر. ثم قال: { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ }. أي: لا تضجوا وتستغيثوا قد نزل بكم العذاب، فلا ناصر لكم منه.