الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } * { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } * { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } * { نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }

قوله تعالى ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } إلى قوله { إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }.

معناه وكلوا من الحلال الطيب دون الحرام { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } أي: بما أمرتكم به.

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جل ذكره طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر الأنبياء بما أمر به المؤمنين " فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } وقال: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ }.

وقد قيل: إن قوله يا أيها الرسل مخاطبة للنبي وحده كما قال: " الذين قال لهم الناس " يعني نعيم بن مسعود وحده.

وقيل: إنما قيل للنبي وحده { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ } " لتدل بذلك على أن الرسل كلهم أمروا بأكل الطيبات وهو الحلال الذي طيبه الله تعالى لآكله.

وقيل: هو مخاطبة لعيسى، وهو قول الزجاج وهو اختيار الطبري.

روى: أن عيسى صلى الله عليه وسلم كان يأكل من غزل أمه.

ثم قال: " وإن هذه أمتكم أمة واحدة " فتح " إن " في هذا على معنى " ولأن هذه ". هذا قول البصريين.

وقال الكسائي والفراء: هي في موضع خفض عطف على ما في قوله: إني بما تعلمون.

وقال الفراء أيضاً: تكون في موضع نصب على إضمار فعل، والتقدير: واعلموا أن هذه أمة: نصب على الحال.

وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق: " أمة واحدة " ، بالرفع على إضمار مبتدأ، أي: هي أمة وعلى البدل من أمتكم، أو على أنها خبر بعد خبر، والمعنى أن الأمة هنا الدين: أي: وأن هذا دينكم دين واحد قاله ابن جريج.

ثم قال تعالى: { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ }.

أي فاتقون بطاعتي، تأمنوا عقابي.

ثم قال: { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً }.

أي: فتفرق القوم الذين أمروا بالإيمان / واتباع عيسى ليجتمعوا على الدين الواحد زبراً، أي كتباً قد بان كل فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذي بان به الفريق الآخر، كاليهود الذين زعموا أنهم دانوا بحكم التوراة، وكذبوا بحكم الإنجيل والقرآن وكالنصارى الذين دانوا بالإنجيل وكذبوا بحكم القرآن.

قال قتادة: " زبراً " كتباً.

وقال مجاهد: كتباً لله فرقوها قطعاً.

والزبر: جمع زبور، كعمود وعمد.

وقيل: المعنى، فتفرقوا دينهم بينهم كتباً أحدثوها يحتجون بها لمذاهبهم.

قال ابن زيد: هو ما اختلفوا فيه من الأديان والكتب، وكل واحد منهم كان له أمر وكتب، وكل قوم يعجبون برأيهم، ليس أهل هوى إلا وهم يعجبون برأيهم وبصاحبهم الذي اخترق ذلك لهم وقرأ الأعمش " زُبراً " بفتح الباء جعله جمع زبرة، ومعناه، فتفرقوا عن دينهم بينهم قطعاً كزبر الحديد، فصار بعضهم يهود، وبعضهم نصارى.

السابقالتالي
2 3