الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } * { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } * { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } * { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }

قوله تعالى ذكره: { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } إلى قوله: { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }.

أي: قال أشراف قوم نوح: ما نوح إلا رجل به جنون { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } أي: تمهلوا به إلى وقت ما.

قال نوح: { رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } أي: بتكذيبهم إياي. دعا صلى الله عليه وسلم واستنصر بالله لما طال عليه أمرهم وأبوا إلا تكذيبه.

ثم قال تعالى: { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا }.

أي: فقلنا له حين استنصرنا على كفرة قومه: اصنع الفلك بمرأى منا وتعليم لك بما تصنع. { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } أي: قضاؤنا في قومك بالعذاب والهلاك. { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } قد تقدم في " هود " ومعنى " فار التنور ". وقد قال علي بن أبي طالب: " فار التنور " من مسجد الكوفة.

وعنه أنه قال: " فار التنور " هو تنوير الصبح.

قال الضحاك: كان التنور آية فيما بين الله وبين نوح، قال له: إذا رأيت الماء قد خرج من التنور فاعلم أن الهلاك والغرق قد أتى قومك.

ثم قال: { فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ }.

أي: فادخل في الفلك، يقال سلكته في كذا وأسلكته أدخلته.

{ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } أي: وأدخل أهلك في الفلك يعني ولده ونساءه. { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } أي: لا تحمل من سبق عليه القول من الله أنه هالك مع أهلك يعني ابنه الذي غرق.

ثم قال تعالى: { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ }.

أي: لا تسألني في الذين كذبوك أن أنجيهم، { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } أي: قضيت أن أغرق جميعهم.

ثم قال تعالى: { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ }.

أي: إذا اعتدلت أنت ومن حملته معك في السفينة، فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين { وَقُل } أيضاً يا نوح: { رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً } ، إذا خرجت من السفينة وسلمك الله ومن معك. قاله مجاهد.

{ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } أي: خير من أنزل عباده المنزل المبارك ومن قرأ " مُنزَلاً " بضم الميم، جعله مصدراً، لأن صدر الكلام قد مضى على: أنزل، فصار بمنزلةأَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } [الإسراء: 80] يقال: أنزلته إنزالاً ومنزلاً.

ومن قرأ بفتح الميم جعله اسماً لكل ما نزل فيه، فمعناه: أنزلني مكاناً مباركاً وموضعاً مباركاً. ويجوز في النحو فتح الميم والزاي بجعله مصدر نزل، كالمدخل مصدر دخل.

ثم قال تعالى: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ }.

أي: إن فيما فعلنا بنوح وقومه من إنجائه وإهلاكهم حين كذبوه لَعِبراً لقومك وغيرهم، فيزدجروا عن كفرهم لئلا يحل عليهم مثل ما حل على قوم نوح من العذاب.

السابقالتالي
2 3