الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } * { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } * { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } * { قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } * { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ }

قوله تعالى ذكره: { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }.

إلى قوله: { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ }.

أي: فمن ثقلت موازين حسناته، وخفت موازين سيئاته فأولئك هم الباقون في النعيم، ومن خفت موازين حسناته وثقلت موازين سيئاته { فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } ، أي: غبنوا أنفسهم حظها من رحمة الله في جهنم، { خَالِدُونَ } أي ماكثون { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } أي: تنفح وجوههم النار.

ثم قال: { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ }.

قال ابن مسعود: " الكالح ": الذي قد بدت أسنانه، وتقلصت شفتاه، كالرأس المشيط بالنار.

وقال ابن عباس: " كالحون " عابسون.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تشوي أحدهم النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته ".

قال الحسن: لفحتهم النار لفحة، فلم تدع لحماً ولا جلداً إلا ألقتهُ عند العراقيب وبقيت العظام بيضاء تلوح.

ثم قال تعالى: { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ }.

أي: يقال لهم: ألم تكن آيات القرآن تتلى عليكم في الدنيا فكنتم بها تكذبون.

ثم قال: { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا }.

أي: غلب علينا ما سبق في سابق علمك وخط لنا في أم الكتاب.

قال مجاهد: شقوتنا التي كتبت علينا.

قال ابن جريج: بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم أنٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 49] فلم يجيبوهم ما شاء الله، فلما أجابوهم بعد حين قالوا:فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 50].

قال: ثم نادوا مالكاً:يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [الزخرف: 77] قال: فسكت عنهم مالك خازن جهنم أربعين سنة ثم أجابهم فقال:إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [الزخرف: 77]، ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا: { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ }: قال: فسكت عنهم مقدار الدنيا، ثم أجابهم بعد ذلك { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }.

وروى أن لأهل جهنم أربع دعوات، أولها ما حكى الله جل ذكره في غافر من قولهم:قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } [غافر: 11]، والثانية، ما حكى الله عنهم في غافر أيضاً قوله:وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 49] فأجابتهم الخزنة: { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } ، قالوا: " بلى " ، قالت لهم الخزنة:فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 50].

والثالثة ما حكى الله تعالى عنهم في الزخرف من قوله:وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [الزخرف: 77] فأجابهم مالك فقال:إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [الزخرف: 77]، والرابعة في قد أفلح: قوله:

{ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } فيجيبهم الرب اخسئوا فيها ولا تكلمون، فتصير لهم همهمة كنباح الكلاب.

السابقالتالي
2 3