الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } * { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

قوله تعالى: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } إلى قوله: { حَقَّ جِهَادِهِ }.

أي: وإذا تتلى على المشركين آيات القرآن واضحات حججها وأدلتها، { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ } ، أي: تتبين في وجوههم ما ينكره أهل الإيمان بالله من تغيرها بسماعهم القرآن.

{ يَكَادُونَ يَسْطُونَ }.

أي: يبطشون بالذين يتلون عليهم كتاب الله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لشدة كراهيتهم أن يسمعوا القرآن ويتلى عليهم.

قال الضحاك: { يَكَادُونَ يَسْطُونَ } أي: يأخذون المؤمنين بأيديهم أخذاً.

والسطو في اللغة: البطش.

وروى أحمد عن قالون والأعشى عن أبي بكر " يصطون " بالصاد من أجل الطاء.

ثم قال: { قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ }.

أي: قل يا محمد للمشركين أفأنبئكم بشر مما تكرهونه من قراءة القرآن عليكم؟ فقالوا: ما هو فقيل لهم: النار، أي هي النار، وعدها الله الذين كفروا، أي: وعدكم وأمثالكم من الكفار إياها.

وروي: أن المشركين قالوا محمد وأصحابه شر خلق، فقال الله تعالى: قل لهم يا محمد أفأنبئكم بشر من محمد وأصحابه على قولكم وزعمكم، أهل النار فهم أنتم شرار خلق الله تعالى لا محمد وأصحابه.

وقوله: { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي: وبيس المكان الذي يصير إليه هؤلاء المشركون يوم القيامة.

ثم قال تعالى ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ }.

{ ضُرِبَ } هنا بمعنى: جعل: من قولهم: ضربت الجزية على النصارى، أي: جعلت. وضرب السلطان الخراج على الناس.

أي: جعل، " والمثل " الشبه الذي جعلوه لله من الأصنام.

فالمعنى: يا أيها الناس جعل شبه لي في عبادتي، يعني: الأصنام التي جعلوها شبهاً لله فعبدوها.

ثم قال: فاستمعوا الخبر هذا الذي جعل شبهاً لي. { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأصنام والأوثان، لن يخلقوا ذباباً، على صغر الذباب ولطفه، ولو أن الأصنام اجتمعت كلها لم تخلق ذلك ولا استطاعته، على أن الذباب واحد وهي كثيرة. وأن يسلبهم هذا الذباب على ضعفه وكثرتها شيئاً مما عليها من طيب وغيره، لا يقدرون بجماعتهم على استنقاذ ذلك الشيء من الذباب الضعيف.

روي أنهم كانوا يطلون آلهتهم بالزعفران، فكانت الذباب تختلس الزعفران، فلا تقدر الأصنام - وهي آلهة لهم - على استنقاذ ما تأخذ الذباب منها.

ثم قال: { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ }.

أي: ضعفت الآلهة عن طلب ما أخذ الذباب منها، وضعف الذباب، قاله: ابن عباس.

وقيل: المعنى: ضعف الطالب من بني آدم إلى الصنم حاجته، والمطلوب إليه أن يعطي سائله من بني آدم ما سأله - فهذا توبيخ من الله لقريش وتنبيه، ومعناه: كيف تجعلون الله في العبادة مثل ما لا يقدر على خلق ذباب.

السابقالتالي
2 3 4