الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلأَرْضِ وَٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } * { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }

قوله تعالى ذكره: { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } إلى قوله: { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }.

أي: له ملك ما في السماوات وما في الأرض، وأن الله لهو الغني عن خلقه. وهم المحتاجون إليه.

{ ٱلْحَمِيدُ } أي: المحمود عند / عباده في أفضاله ونعمه عندهم.

ثم قال: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلأَرْضِ }.

أي: سخر لكم ما في الأرض من الدواب والأنعام وغير ذلك تنتفعون وتأكلون وتركبون وتلبسون منه، وسخر لكم " الفلك لتجري في البحر بأمره " أي: بقدرته وتذليله إياها لكم.

ثم قال: { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ }.

أي: يمسكها بقدرته لئلا تقع على الأرض. { إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }. أي: لذو رأفة ورحمة بهم.

ثم قال: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ }.

أي: والذي أنعم عليكم هذه النعم المذكورة، هو الذي خلقكم أجساماً أحياء بحياة أحدثها فيكم ولم تكونوا شيئاً، ثم يميتكم فيفنيكم عند مجيء آجالكم، ثم يحييكم عند بعثكم لقيام الساعة، { إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } أي: إن ابن آدم لجحود لنعم الله عليه، إذ يعبد غير من أنعم عليه بهذه النعم المذكورة وبغيرها.

ثم قال تعالى: { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ }.

أي: لكل جماعة قوم لنبي خلا قلبك يا محمد، جعلنا مألفاً يألفونه، ومكاناً يعتادونه لعبادة الله تعالى، وقضاء فرائضه، وعملاً يلزمونه.

وأصل المنسك: المكان المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه لخير أو شر، وإنما سميت المناسك مناسك الحج لتردد الناس إليها للعمل الذي فرض عليهم لعمل الحج والعمرة فألفوه.

وكسر " السين " لغة أهل الحجاز، وفتحها لغة أسد.

قال ابن عباس: جعلنا منسكاً. أي: عيداً.

وقال مجاهد: وهو إراقة الدم بمكة.

وقال قتادة: " منسكاً " ذبحاً وحجاً.

وقد رويَ أن المشركين جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في إراقة الدم أيام النحر. فهذه الآية في ذلك والله أعلم. دل على هذا التأويل قوله: { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ } أي: فلا يجادلنك في ذبحك ونسكك قولهم: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله وهو الميتة.

ومعنى: " فلا ينازعنك " ، أي: فلا تنازعنهم لأنهم قد نازعوه في ذلك قبل نزول الآية.

ثم قال: { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ }.

أي: ادع يا محمد منازعيك من المشركين بالله في نسكك وذبحك إلى اتباع أمر ربك بأن يأكلوا ما ذبحوه بعد اتباعك والتصديق بما جئتهم به. { إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } أي: طريق غير زائل عن الحق والصواب.

ثم قال تعالى: { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ }.

أي: إن جادلك هؤلاء المشركون في نسكك، { فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } " لنا أعمالنا ولكم أعمالكم " { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي: يقضي بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون من أمر دينكم.

السابقالتالي
2