الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } * { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } * { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ }

قوله تعالى ذكره: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } إلى قوله: { وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ }.

هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث كان يخاصم ويزعم أن الله جل ذكره غير قادر على إحياء من بلى وعاد تراباً، بغير علم له في ذلك. { وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ }.

أي يتبع في قوله ذلك كل شيطان مارد. والمريد والمارد: المتجاوز في الشر القوي فيه. ومنه قيل: صخرة مرداء، أي: ملساء. ومنه: الأمرد.

وقيل: نزلت في أبي جهل بن هشام.

ثم قال تعالى: { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ }.

أي: كتب على الشيطان أي: قضى على الشيطان أنه تولاه. الهاء في " أنه " مجهول تفسره الجملة التي بعده. و " تولاه ". أي: تولى الشيطان. أي: فمن اتبع الشيطان من خلق الله، فإنه يضله. أي: فإن الشيطان يضل من اتبعه، { وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ }.

أي: يسوقه إليه بطاعته له، ومعصيته لله، فالهاء في " عليه " و " تولاه " و " فإنه " تعود على الشيطان.

ثم قال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ }.

أي: إن كنتم في شك من أنكم تبعثون وتعودون كما كنتم فتدبروا خلقكم وابتداءكم، فإنكم لا تجدون فرقاً بين الابتداء والإعادة، إذ خلقناكم من تراب، يعني آدم. " ثم من نطفة " يعني ولد آدم، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم يخرجكم طفلاً. فإذا تدبرتم ابتداءكم وانتقال أحوالكم، علمتم أن من قدر على هذا أنه قادر على الإعادة، فالنطفة ماء الرجل، والعلقة: الدم، والمضغة: لحمة صغيرة بقدر ما يمضغ. وقوله: { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ }. قيل: هو من نعت النطفة. فالمخلقة ما كان خلقاً سوياً، وغير المخلقة ما ألقت الأرحام من النطف قبل أن تكونوا خلقاً. قال ابن عمر: إذا وقعت النطفة في الرحم، بعث الله ملكاً، فقال: يا رب مخلقة أو غير مخلقة، فإن قال غير مخلقة، مجتها الأرحام دماً وإن قال: مخلقة، قال يا رب: ما صفة هذه النطفة؟ أذكر أم أنثى؟ ما رزقها؟ ما أجلها؟ أشقي أم سعيد؟ قال: فيقال: انطلق إلى أم الكتاب، فاستنسخ منه صفة هذه النطفة. قال: فينطلق الملك، فينسخها، فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.

وقيل: معناه، تامة أو غير تامة، وهو قول قتادة.

وقال مجاهد: هو السقط، مخلق وغير مخلق.

وقال الشعبي: بعد المضغة تكون مخلقة، وهو الخلق الرابع، وإذا قذفها الرحم قيل فهي غير مخلقة.

وقال ابن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - وهو الصادق المصدوق - " يجمع خلق كل أحدكم في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة أربعين يوماً، ثم يكون مضغة أربعين يوماً، ثم يبعث الله إليه ملكاً، فيقول: أكتب عمله وأجله ورزقه واكتب شقياً أو سعيداً ".


السابقالتالي
2 3