الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ } * { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ } * { وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }

قوله تعالى ذكره: { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } إلى قوله: { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }.

المعنى: الذين إن وطأنا لهم في الأرض، فقهروا المشركين وقتلوهم، أقاموا الصلاة بحدودها، وآتوا الزكاة مما يجب عليهم فيه الزكاة من أموالهم، " وأمروا بالمعروف " أي: دعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته. " ونهوا عن المنكر " أي: عن الشرك والعمل بمعاصيه يعني بذلك: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، إلا بتوحيدهم لله وقد تقدم ذكرهم.

وقيل: إن هذه الآية مخصوصة في أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين أذن لهم بقتال المشركين في الآية الأولى وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم.



وقال الحسن: " هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ".

قال ابن أبي نجيح: " هم الولاة ".

وروي: أن عثمان رضي الله عنه قال للذين أرادوا قتله: فينا نزلت هذه الآية.

{ أُذِنَ لِلَّذِينَ... } إلى { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ }. وقال: نحن الذين قوتلنا وظلمنا وأخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا ربنا الله، فنصرنا الله عز وجل، فمكننا في الأرض، فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة، وأمرنا بالمعروف، ونهينا عن المنكر، فهذه لي ولأصحابي وليست لكم.

وقال الضحاك: هذا شرط اشترطه الله على من أعطاه الله الملك من هذه الأمة.

ثم قال: { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ }.

أي: له آخر أمور الخلق، يثيب على الحسنات مع الإيمان، ويعاقب على السيئات مع الكفر.

ثم قال تعالى: { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ }.

هذه الآية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم وتعزية له، ليقوى عزمه على الصبر على ما يناله من المكذبين له، فالمعنى: أن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون فيما جئتهم به من الحق، فالتكذيب سنة أوليائهم من الأمم الخالية، كذبت رسلها فأمهلتهم، ثم أحللت عليهم نقمتي، { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي: انظر يا محمد: كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمة، فكذلك أفعل بقريش الذين كذبوك، وإن أمليت لهم إلى آجالهم، فإني منجزك وعيدي فيهم، كما أنجزت ذلك لغيرك من الرسل في الأمم المكذبة لهم.

وقوله: { وَكُذِّبَ مُوسَىٰ } ولم يقل: وقوم موسى، كما قال في نوح وعاد وثمود وإبراهيم، فإنما ذلك، لأن قوم موسى هم بنو إسرائيل وكانوا مؤمنين به وإنما كذبه فرعون وقومه، وهم من القبط ليسوا من قومه فلذلك قال: وكذب موسى ولم يقل وقوم موسى.

قال أبو إسحاق: { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي: أخذتهم فأنكرت أبلغ إنكار.

ثم قال تعالى: { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ } أي: وكثير من القرى أهلكنا أهلها وهم ظالمون.

السابقالتالي
2