الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } * { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }

قوله تعالى: { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا } إلى قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }.

أي: لن يصل إلى الله لحوم هديكم، ولا دماؤها ولكن يناله اتقاؤكم إياه وإرادتكم بها وجهه وتعظيمكم حرماته. وتقديره: لن يتقبل الله لحوم هديكم ولا دماؤها، وإنما يتقبل إخلاصكم لله وتعظيمكم لحرماته.

وقيل: المعنى: لن يبلغ رضا الله لحومها ولا دماؤها ولا يرضيه ذلك عنكم، ولكن يبلغ رضاه التقوى منكم، ويرضيه ذلك عنكم.

وفي الكلام مجاز وتوسع، إذا أتى " لن ينال الله " في موضع لن يبلغ رضا الله وحَسُنَ ذلك، لأن كل من نال شيئاً فقد بلغه.

وقال ابن عباس: كانوا في الجاهلية ينضحون بدم البدن ما حول البيت، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فأنزل الله الآية.

ثم قال: { كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ }.

أي: هكذا سخر لكم البدن لكي تعظموا الله على توفيقه لكم لدينه والنسك في حجكم.

وقيل: معناه: لتكبروا الله على ذبحكم في الأيام المعلومات.

{ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي: وبشر يا محمد الذين أطاعوا الله فأحسنوا في طاعتهم إياه في الدنيا بالجنة إلى الآخرة.

ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ }.

أي: يصرف عن المؤمنين مرة بعد مرة غائلة المشركين وما يريدون بالمؤمنين. فيكون " يدافع " على معنى: تكرير الفعل من الله، لا على معنى مدافعة اثنين. وهذا كقوله: فيضاعفه له: فيفاعل للتكرير. أي: يضعف له مرة بعد مرة، لا أن ثم فاعلين مثل: قاتل.

ومن قرأ. يَدْفَعُ: أراد مرة واحدة. وعدل من يفاعل، لأن أكثر باب المفاعلة أن يكون من اثنين، والله تعالى ذكره، لا يمانعه شيء.

وقيل: معناه: أن الله يدفع عن المؤمنين شدائد الآخرة وكثيراً من شدائد الدنيا.

ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ }.

أي: كل من خان الله فخالف أمره ونهيه، وجحد كتبه ورسله.

ومعنى لا يحب كل كفار أي: لا يحب إكرامه وإعزازه، بمعنى لا يريد ذلك كما يريده بالمؤمنين، فعنى الله بهذه الآية دفعه تعالى ذكره كفار قريش عمن كان بين أظهرهم من المؤمنين قبل هجرتهم.

و " خوان " فعال: من الخيانة وهو من أبنية المبالغة وكذلك كفور.

ثم قال تعالى: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ }.

أي: أذن الله للذين يقاتلهم المشركون أن يقاتلوهم. ففي الكلام حذف على قراءة من فتح التاء. ومن كسر التاء، فمعناه: أذن الله للذين يقاتلون المشركين في سبيله بالقتال لظلم المشركين لهم: فثم حذف أيضاً.

وقرأ ابن عباس: { يُقَاتَلُونَ } بكسر التاء. وقال: هي أول آية نزلت في القتال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة.

السابقالتالي
2 3