الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

قوله تعالى ذكره: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً }. إلى قوله: { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.

أي: ولكل جماعة سلفت قبلكم من أهل الإيمان جعلنا ذبحاً يهرقون دمه ليذكروا اسم الله [على ما رزقهم] عند ذبحهم إياه.

وقوله: { مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ }.

فخص لأن من البهائم ما ليس من الأنعام، كالخيل والبغال والحمير. وسميت بهائم لأنها لا تتكلم.

وقال مجاهد: منسكاً: هو هراقة الدماء.

وقال ابن عباس: منسكاً، عيداً.

وقال عكرمة: مذبحاً.

والمَنْسِك بالكسر موضع الذبح، كالمجلس موضع الجلوس لأن اسم المكان من فعل يفعل المفعل.

والمَنْسَك بالفتح: المصدر فيكون معنى قراءة من كسر، ولكل أمة جعلنا موضع ذبح.

ومن قرأ بالفتح، فتقديره: ولكل أمة جعلنا أن يتقربوا بذبح الذبائح.

وقيل: { مَنسَكاً } متعبداً، وهو ما يعبد الله به.

" والمنسك ": العبادة والناسك: العابد.

وأصل المنسك أن يكون اسم المكان الذي يعبد الله فيه.

ثم قال تعالى: { فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ }.

أي: فإلهكم إله واحد فلا تذكروا معبوداً غيره على ذبائحكم.

وقيل: المعنى: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور. /

{ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ } ، أي: اخضعوا بالطاعة.

{ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ }.

أي: الخاشعين المطمئنين إلى الله، قاله مجاهد.

قال ابن عيينة: " المخبتين ": المطمئنين.

وقال قتادة: المتواضعين.

وقيل: المخبتون: الذين لا يظلمون الناس، وإذا ظلموا لم ينتصروا.

والخبت في اللغة: المكان المطمئن المنخفض، والزور: الباطل.

وقيل: إنه أريد به في هذا الموضع الكذب.

وقيل: المخبتين: المخلصين.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ }.

أي: خشعت قلوبهم وجلاً من عقابه.

قال ابن زيد: وجلت قلوبهم: لا تقسوا { وَٱلصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ } أي: من شدة في أمر الله. { وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلاَةِ } " يعني المفروضة " وما رزقناهم ينفقون، أي: يزكون وينفقون على عيالهم.

ثم قال: { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ }.

أي: هي ما أشعرهم الله به، وأعلمهم إياه من أمر دينه. فبين أن ذبح البدن هو مما أعلمهم الله به من أمور دينه والتقرب إليه به. أي: من إعلام الله، أمركم بنحرها في مناسك حجكم إذا قلدتموها وأشعرتموها.

" والبدن " جمع بدنة، كخشبة وخشب، إلا أن الإسكان في " بدن " أحسن، والضم في " خشب " أحسن، لأن بدناً أصله النعت، لأنه من البدانة وهو السمن وخشبة اسم غير نعت. والنعت أثقل من الاسم، فكان إسكانه وتخفيفه أولى من الاسم.

" والبدن ": الإبل. وإنما سميت بدناً لأجل السمانة والعظم. وقوله:

{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ }.

أي: أجر في الآخرة بنحرها والصدقة منها وفي الدنيا: الركوب إذا احتيج إلى ركوبها.

ثم قال تعالى: { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ } أي: انحروها واذكروا اسم الله عليها قائمة على ثلاثة تعقل اليد اليسرى.

السابقالتالي
2