الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } * { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ }

قوله تعالى ذكره: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ }. إلى قوله: { مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ }.

أي: واذكر يا محمد إذ وطأنا لإبراهيم ومكنا له مكان البيت. وبوأ تتعدى إلى مفعولين، ولكن دخلت اللام في إبراهيم حملاً على معنى: جعلنا لإبراهيم.

وقيل: اللام متعلقة بالمصدر، أي: واذكر تبويئنا لإبراهيم.

وقال الفراء: اللام زائدة مثلرَدِفَ لَكُم } [النمل: 72].

وقوله: { أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي } " أن " بمعنى: أي.

وقيل: التقدير: بأن لا تشرك.

وقيل: أن زائدة. مثلفَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ } [يوسف: 96].

فالتقدير: واذكر يا محمد نعم الله على قومك وحسن بلائه عندهم، وهم يعبدون غيره، فمما يجب أن يذكر إذ مكنا لأبيك إبراهيم مكان البيت.

قال قتادة: وضع الله البيت مع آدم حين اهبط إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء، ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه فنقض إلى ستين ذراعاً. وإن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم، شكا ذلك إلى الله فقال الله عز وجل: يا آدم، إني قد أهبطت لك بيتاً يطاف به كما يطاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند العرش فانطلق إليه. فخرج آدم ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة، فلم تزل تلك المفاوز على ذلك، فأتى آدم البيت، فطاف به ومن بعده من الأنبياء.

وقال السدي: لما عهد الله إلى إبراهيم وإسماعيل " أن طهرا بيتي للطائفين " انطلق إبراهيم حتى أتى مكة، فقام هو وإسماعيل، فأخذا المعاول لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحاً يقال لها الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس، فذلك حين يقول: " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ".

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أقبل إبراهيم من أرمينية ومعه السكينة تدله على البيت حتى تبوأ البيت كما تبوأ العنكبوت بيتاً وكان يحمل الحجر من الحجارة يطيقه ولا يطيقه ثلاثون رجلاً.

وقال كعب الأحبار: كان البيت غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين سنة. ومنه دحيت الأرض.

وقوله تعالى: { أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً } أي: عهدنا إليه ألا يشرك في عبادة الله /.

{ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ } أي: طهره من عبادة الأوثان.

قال مجاهد: طهره من الشرك.

وقال عبيد بن عمير: من الآفات والريب.

وقال قتادة: من الشرك وعبادة الأوثان.

وقيل: طهراه من ذبائح المشركين، وما كانوا يطرحون حوله من الدماء والفرث والأقذار، وكانوا يطرحون ذلك حول البيت.

وقيل: معناه: طهراه من دخول المشركين إياه، ومن إظهار شركهم فيه.

السابقالتالي
2 3