الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }

قوله تعالى ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ } إلى قوله: { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }.

المعنى: يا أيها الناس احذروا عقاب الله وأطيعوه إن زلزلة الساعة شيء عظيم.

قال ابن جريج: زلزلتها: أشراطها في الدنيا.

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جل ذكره لما فرغ من خلق السماوات والأرض، خلق الصور، فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه، شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر.

قال أبو هريرة: وما الصور؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: قرن. قال: وكيف هو؟ قال: قرن عظيم، ينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين جل وعز، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى، فيقول انفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات الأرض إلا من شاء الله، ويأمره فيطوِّلُها، فلا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل: { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } أي: من راحة. فيسير الله الجبال فتكون سراباً، وترج الأرض بأهلها رجاً، وهي التي يقول الله: { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } وتكون الأرض كالسفينة الموبقة تضربها الرياح تُكفأ بأهلها، أو كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الرياح فيميد الناس على ظهرها، فتذهل المراضع، وتضع الحوامل ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة، فتضرب وجوهها، فترجع، ويولي الناس مدبرين، ينادي بعضهم بعضاً، وهو الذي يقول الله { يَوْمَ ٱلتَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ... } إلى قوله {...هَادٍ } فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر. فرأوا أمراً عظيماً، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به. ثم نظروا في السماء، فإذا هي كالمهل، ثم خسف شمسها وقمرها، وانتثرت نجومها ثم كشطت عنهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك. فقال أبو هريرة: فمن استثنى الله عز وجل حين يقول: { فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } قال: أولئك الشهداء، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، أولئك أحياء عند ربهم يرزقون فرحين وقاهم الله فزع ذلك اليوم، وأمنهم، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه، وهو الذي يقول جل ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ... } إلى قوله {...شَدِيدٌ } ".

وقال الحسن: " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة العسر، ومعه أصحابه، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ... } إلى قوله: {...شَدِيدٌ }. ثم قال: أتدرون أي يوم ذلك؟ قيل له: الله ورسوله أعلم. قال: ذلك يوم يقول الله جل ذكره لآدم: قم فابعث بعث النار، فيقول آدم: يا رب، وما بعث النار؟ فيقول: ابعث لكل ألف تسعة وتسعين وتسع مائة إلى النار، وواحد إلى الجنة قال: فاشتد ذلك على الناس حتى لم يبدوا عن واضحة. فلما رأى ما في وجوههم قال لهم: اعملوا وابشروا، فوالله ما أنتم في الناس إلا كالرقمة في ذراع الدابة، أو كالشامة في جنب البعير، إنه لم يكن رسولان إلا وبينهما فترة من جاهلية، وأهل الجاهلية أهل النار بين ظهراني خليقتين لا يعادهم أحد من أهل الأرض إلا كثروهم، يأجوج ومأجوج، وتكملة العدد من المنافقين ".


السابقالتالي
2 3 4