الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ } * { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ }

قوله تعالى ذكره: { وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } إلى قوله: { وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ }.

أي: وتفرقوا في دينهم الذي قضى الله به عليهم ودعاهم إليه فصاروا فيه أحزاباً، فتهودت اليهود وتنصرت النصارى، وعبدت الأوثان.

ثم قال تعالى: { كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ }.

أي: كلهم على اختلاف أديانهم، إلينا يرجعون. أي: إلى حكمنا فيهم، فنجازي كلاً بما صنع. وهذا كلام فيه تهديد ووعيد.

قال ابن زيد: " وتقطعوا أمرهم " أي: اختلفوا في الدين. ثم قال: { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ }.

أي: فمن يعمل من هؤلاء الذين تفرقوا في دينهم بما أمره الله، وهو مقر بتوحيد الله. { فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ }.

أي: فإن الله يشكر عمله الذي عمل ويثيبه عليه في الآخرة.

ومعناه: إذا لم يكفر بنبي بعث إليه ولا بمن قبله من الأنبياء ولا بكتاب نبيه ولا بكتاب من تقدم من الأنبياء. فـ " من " للتبعيض. أي: من يعمل شيئاً من الصالحات وهو مؤمن.

وقيل: " من " زائدة. والأول أحسن. إذ لا يحكم على الزيادة إلا بدليل ظاهر. ولا دليل يدل على ذلك. وأيضاً: فإن في تقدير زيادة " من " تكليف غاية العمل. وهذا لا يقدر عليه ولا يكلف الله نفساً فوق طاقتها، فمن ذا الذي يقدر على عمل الصالحات كلها؟.

ثم قال تعالى: { وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }.

أي: نكتب أعماله الصالحة لنجزيه على صغيرها وكبيرها. ومعنى كتبت: جمعت.

ثم قال تعالى: { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي: وحرام على قرية أهلكهم الله بالطبع على قلوبهم، والتمادي على الكفر، أن يرجعوا إلى الإيمان والتوبة. هذا معنى قول عكرمة وهو اختيار الطبري.

وقيل: المعنى: وحرام على [أهل] قرية أمتناهم أن يرجعوا إلى الدنيا. و " لا " زائدة. ومعنى " وحرام ": وجب أن لا يرجعوا وعزم أن لا يرجعوا إلى توبة، ولا بعد موت.

قال ابن عباس: في معنى: { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ... } الآية.

وجب أنهم لا يرجعون.

وقال أبو عبيدة: " لا " زائدة. " وحرام ": على بابها. بمعنى المنع.

وقال أبو إسحاق: " لا " غير زائدة. و " حرام ": على بابها. والتقدير: حرام على أهل قرية، أهلكناها أن يُتقبل منهم عمل لأنهم لا يرجعون ولا يتوبون.

ثم قال تعالى ذكره: { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ }.

أي: فتح سد يأجوج ومأجوج.

روى حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أول الآيات الدجال ونزول عيسى عليه السلام ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا والدابة ثم يأجوج ومأجوج. قال حذيفة: قلت يا رسول الله، ما يأجوج ومأجوج. قال: يأجوج ومأجوج أمة. كل أمة مائة ألف أمة لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطرف بين يديه من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام، وساقتهم بالعراق، فيمرون بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية حتى يأتوا بيت المقدس فيقولون: قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء، فيرمون بالنشاب إلى السماء، فترجع نشابهم مخضبة بالدم. فيقولون: قد قتلنا. من في السماء. وعيسى والمسلمون بجبل طور سنين، فيوحي الله جل وعز إلى عيسى أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة. ثم إن عيسى عليه السلام يرفع يده إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف تدخل في مناخرهم فيصبحون موتى حتى تنتن الأرض من جيفتهم فيجأر الناس والأرض إلى الله تعالى منهم، فيأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب، فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها ".


السابقالتالي
2 3