الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ } * { وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } * { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } * { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }

قوله تعالى: { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } إلى قوله: { فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }.

المعنى: وآتينا لوطاً آتيناه حكماً وهو فعل القضاء بين الخصمين وعلماً بأمر دينه. { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ } ، أي: من العذاب الذي نزل بالقرية، وهي قرية سدوم التي بعث لوط إلى أهلها، والخبائث هو إتيان الذكور في أدبارهم وإظهار المنكر في مجالسهم، فأخرجه الله مع ابنتيه ومن آمن إلى الشام حين أراد الله إهلاك قومه، لأنهم كانوا قوم سوء " فاسقين ". أي: خارجين عن طاعة الله تعالى مخالفين لأمره.

ثم قال: { وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ }.

أي: أنجيناه من العذاب فدخل في الرحمة.

وقال ابن زيد: هو دخوله في الإسلام.

{ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }.

أي: من العاملين بطاعة الله.

ثم قال تعالى ذكره: { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ }.

أي: واذكر نوحاً إذ نادى ربه من قبلك. ومن قبل إبراهيم ولوط، وسأل أن يهلك قومه الذين كذبوه فاستجبنا له دعاءه، ونجيناه وأهله. يعني أهل الإيمان من ولده وحلائله من الكرب العظيم، وهو الغرق الذي حل بقومه، وبجميع من في الأرض.

ثم قال: { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا }.

أي: ونصرناه على القوم المكذبين، فأنجيناه منهم وأغرقناهم أجمعين، لأنهم كانوا قوم سوء، يعصون الله، ويكذبون رسوله. فـ " من " بمعنى " على ".

ثم قال: { وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ } أي: بالنجاة.

وقيل: في الإسلام.

" إنه من الصالحين " من العالمين بطاعة الله.

ثم قال تعالى: { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ }.

أي: واذكر داود وسليمان حين يحكمان في الحرث.

قال قتادة: ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في كرم ليلاً.

وقال ابن مسعود: كان ذلك الحرث كرماً قد أنبت عناقيده.

يقال: نفشت الغنم، إذا رعت ليلاً. فهي نفاش ونفاش ونفش وإذا رعت النهار قيل: سرحت وسَرَبَت وهملت.

قال الزهري: النفش بالليل والهمل بالنهار.

وقوله: { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } أي: لحكم داود وسليمان والقوم الذين حكما بينهم شاهدين، لا يخفى علينا منه شيء، ولا يغيب.

ثم قال تعالى: { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } أي: ففهمنا القضية سليمان دون داود، { وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً } أي: وكلهم، يعني داود وسليمان والرسل المذكورين في هذه السورة. { آتَيْنَا حُكْماً } يعني النبوة وعلماً بأحكام الله.

قال ابن عباس: دخلت الغنم ليلاً، فأفسدت الكرم، فاختصموا إلى داود. فقضى بالغنم لصاحب الكرم، فمروا على سليمان، فأخبروه فقال: كان غير هذا الحكم أرفق بالجميع. فدخل صاحب الغنم، فأخبر داود، فقال لسليمان: كيف الحكم عندك. فقال: يا نبي الله، تدفع الغنم إلى صاحب الحرث، فيصيب من ألبانها وأصوافها وأولادها، وتدفع الكرم إلى صاحب الغنم يقوم به حتى يرجع إلى حاله.

السابقالتالي
2 3