قوله تعالى: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } إلى قوله: { يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }. أي: ويقول المشركون متى يأتنا هذا الذي تعدنا يا محمد والوعد بمعنى الموعود. كما قيل: الخلق بمعنى المخلوق. والوزر بمعنى الموزور. { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. و " متى " في موضع رفع عند البصريين. وفي موضع نصب عند الكوفيين وكذلك الجواب عند الكوفيين إذا كان معرفة، نصب. يقول: متى وعدك؟ فالجواب عندهم يوم الجمعة بالنصب، فإن كان الجواب نكرة، كان نكرة مرفوعاً. لو قلت يوم قريب ونحوه رفعت. وحكى الفراء: اجتمع الجيشان: المسلمون جانب، والكفار جانب صاحبهم برفع الأولى لأنه نكرة. ونصب الثاني لأنه معرفة. والرفع عند البصريين، في جميع هذا الوجه، إذا كان الظرف متمكناً تقول: موعدك غُدْوة وبُكْرَة فترفع. فإن قلت موعدك بَكْرَاً. نصبت لأن بكراً غير متمكن. ويدل على صحة قول البصريين إجماع القراء المشهورين على الرفع في قوله:{ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } [طه: 59]. ثم قال تعالى: { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ }. أي: لو يعلم هؤلاء المستعجلون عذاب الله ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار وظهورهم ولا يقدرون أن يكفوا ذلك عن أنفسهم، ففي " يكفون " ضمير " المشركين ". { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي: ولا ناصر لهم من عذاب الله يستنقذهم منه /. وفي الكلام حذف. قيل: التقدير: لو علموا ذلك، ما أقاموا على كفرهم. وقيل: التقدير: لو علموا ذلك ما سألوا العذاب واستعجلوه. فقالوا: متى هذا الوعد، فهو جواب " لو " محذوف لعلم السامع. وقيل: التقدير: لو يعلمون ذلك، لاتعظوا وازدجروا عن كفرهم. وقيل: هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة. فالمعنى: لو يعلمون ذلك علم يقين، لعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها. ودل على هذا المعنى قوله: " بل تأتيهم بغتة " هذا قول الكسائي ومثله،{ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } [التكاثر: 5]. أي: لو علمتم ذلك يقيناً ما ألهاكم التكاثر. ثم قال: { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا }. أي: ألهؤلاء المستعجلون ربهم بالعذاب آلهة تمنعهم من دون الله إن حل عليهم العذاب. ثم وصف تعالى ذكره الآلهة بالضعف، فقال: { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ } فمن لا يقدر أن ينصر نفسه، فكيف يقدر أن ينصر غيره. وقوله: { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ }. أي: لا تصحب آلهتهم من الله تعالى بخير. قاله قتادة. وقال مجاهد: { يُصْحَبُونَ }. أي: ينصرون. وعن مجاهد أيضاً: { يُصْحَبُونَ } يحفظون. وعن ابن عباس: { يُصْحَبُونَ } يمنعون. وعن ابن عباس: { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } أي: ولا الكفار منا يجارون من قوله: { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } وهذا القول: اختيار الطبري ليكون الضمير يعود على الكفار.