الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } * { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } * { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }

قوله تعالى ذكره: { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } إلى قوله: { إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }.

الواو زائدة في " واقترب " عند الكسائي والفراء.

قالا: اقترب جواب " إذا " في قوله: " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج " اقترب الوعد.

وأجاز الكسائي أن يكون جواب إذا، { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ }.

وقال أبو إسحاق: الجواب: قالوا يا ويلنا، ثم حذف " قالوا " كقوله:وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ } [الزمر: 3] أي: قالوا: ما نعبدهم وحذف القول كثير في القرآن، ومعنى الآية: وقرب بعث الأموات للجزاء لا شك فيه بعد خروج يأجوج ومأجوج.

قال حذيفة: لو أن رجلاً افتلى فلواً بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة.

وقوله: { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }. قيل: هي عماد. وقيل: هي إضمار الأبصار، والأبصار الثانية تبيين لها أي: فإذا أبصار الكافرين قد شخصت عند مجيء الوعد. يقولون { يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا } قبل هذا الوقت في الدنيا { فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } الذي نرى ونعاين، { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } أي: بمعصيتنا ربنا وطاعتنا إبليس وجنوده.

ثم قال تعالى ذكره: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ }.

أي: إنكم أيها الكفار والأوثان التي تعبدونها من دون الله وَقُودُ جهنم، قاله ابن عباس.

وقال مجاهد: حصب جهنم: حطبها.

وقال قتادة وعكرمة: حصب جهنم: يقذفون فيها.

وقال الضحاك: إن جهنم إنما تحصب بهم، أي: يرمى بهم فيها، وقرأ علي وعائشة رضي الله عنهما حطب بالطاء.

وعن ابن عباس: { حَصَبُ } بالضاد معجمة. والحضب: ما دكيت به النار وأججتها، والحصب بالصاد غير معجمة: اسم المرمى به في النار.

وقوله تعالى: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يخرج منه عُزَيرٌ والمسيح والملائكة، لأن " ما " لما لا يعقل، فهي للأصنام والأوثان /.

وروي عن ابن عباس أنه قال: لما نزل: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الآية، قال المشركون: أليس قد عبد عزير والمسيح والملائكة وأنت تقول يا محمد أنهم قوم صالحون. فأنزل الله { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ }.

وقيل: إن الذي قال هذا هو ابن الزبعري، وأنزل الله تعالى:وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } [الزخرف: 57].

ثم قال تعالى: { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا }.

أي: لو كان هؤلاء الذين تعبدون من دون الله آلهة ما وردوا جهنم. يقول الله ذلك لهم. فلو كانت آلهة كما تزعمون لدفعت عن أنفسها وعمن عبدها في الدنيا.

ثم قال: { وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ }.

يعني الآلهة والذين عبدوا ماكثين في النار.

ثم قال تعالى: { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ }. أي: للآلهة، وللذين عبدوها في جهنم زفير { هُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ }.

السابقالتالي
2 3