الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } * { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } * { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } * { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

قوله تعالى: { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } إلى قوله: { فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }.

أي: قل يا محمد: ربي يعلم قولكم بينكم، { أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ويعلم غير ذلك في السماوات والأرض وهو السميع لجميع ذلك /، العليم بجميع خلقه، فيجازي كلا على قدر أعمالهم.

ثم قال تعالى: { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ }.

أي: بل قال المشركون: الذي جاء به محمد أضغاث أحلام. أو هم أضغاث أحلام. أي: لم يصدقوا بالقرآن، ولا آمنوا به ولكن قالوا: هو أضغاث أحلام، أي رؤيا رآها في النوم.

" والأضغاث " الأخلاط. ومنه { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً }.

وقال بعضهم: بل هي فرية واختلاق من عند نفسه.

وقال بعضهم: بل محمد... شاعر، فنقض بعضهم قول بعض.

ثم قالوا بعد ذلك. ونقضوا قولهم كلهم ورجعوا عن ما قالوا، فقالوا: { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } أي: بل يأتينا محمد بآية تدل على صدقه، كما جاءت به الرسل قبل محمد؟ من مثل الناقة، وإحياء الموتى وشبهه. وذلك منهم تعنت، لأن الله تعالى قد أعطاه من الآيات ما لهم فيها كفاية، وإنما دخلت " بل " في هذا وليس في الكلام جحد لأن الخبر عن أهل الجحود والتكذيب، فدخلت " بل " لذلك.

ثم قال تعالى ذكره: { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ }.

في هذه الآية بيان لإثبات القدر، لأن المعنى: أن امتناع من تقدم من الكفار من الإيمان حتى هلكوا لا يوجب امتناع من بعدهم، لكن كل ذلك بقدر من الله جل ذكره؛ وتحقيق المعنى على قول المفسرين، ما آمن قبل هؤلاء الذين كذبوا محمداً من أهل قرية عذبناها بالهلاك في الدنيا إذ كفروا بعد مجيء الآية.

{ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } استفهام معناه التقرير. أي: فهؤلاء المكذبون محمداً السائلون الآية، يؤمنون إن جاءتهم آية. فلم يبعث الله تعالى إليهم آية لعلمه أنهم يكذبون بها، فيجب عليهم حلول العذاب. وقد تقدم في علمه أن ميعادهم الساعة.

قال تعالى:بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [القمر: 46]. فلما كان أمر هذه الأمة وعقوبتها، أخّرها الله إلى قيام الساعة، لم يرسل إليها آية مما اقترحوا به من الآيات التي توجب حلول العذاب عليها إذ كفرت بعد ذلك كما فعل بالأمم الماضية.

ثم قال: { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } أي: وما أرسلنا قبلك يا محمد من الرسل إلا رجالاً مثل الأمم المرسل إليها. يوحي الله إليهم ما يريد. أي: لم يرسل ملائكة، فما أنكر هؤلاء من إرسالك إليهم وأنت رجل مثلهم؟

وهذا جواب لقول المشركين: { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ }.

ثم قال: { فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.

أي: اسألوا: أهل الكتب التي نزلت قبل كتابكم، يخبرونكم أنه لم تكن الرسل التي أتتهم بالكتب إلا رجالاً مثلهم.

السابقالتالي
2