الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ } * { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } * { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } * { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ }

قوله تعالى ذكره: { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ }. إلى قوله: { وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ }.

أي: فأدبر فرعون معرضاً عن موسى وعما جاءه به من الحق، فجمع مكره وسحرته، ثم أتى للموعد. قال لهم موسى لما أتوا: { لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }. { وَيْلَكُمْ } نصب على المصدر. وقيل على إضمار فعل. أي: ألزمكم الله ويلاً. وقيل: نصبه على النداء المضاف.

{ لاَ تَفْتَرُواْ } أي: لا تختلقوا الكذب على الله. أي: لا تقولوا: إن الذي جئتكم به من عند الله سحر، { فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ }.

قال ابن عباس: معناه: " فيهلككم ".

وقال ابن زيد: معناه: (فيهلككم هلاكاً ليس فيه بقية).

وقال قتادة: " فيستأصلكم بالهلاك ". وفيه لغتان: سحته واسحته، إذا أهلكه وأمحقه، وقد قرئ بهما جميعاً.

ثم قال: { وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ }.

أي: خاب من الرحمة والثواب، من اختلق الكذب.

ثم قال تعالى: { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ }.

أي: تنازع السحرة فيما بينهم.

قال قتادة: " قال السحرة بعضهم لبعض: إن كان هذا ساحراً، فسنغلبه وإن كان من السماء، فله أمر " وهو قوله: { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ }.

قال وهب: " جمع كل ساحر حباله وعصيه، وخرج موسى، معه أخوه يتكئ على عصاه حتى أتى الجمع، وفرعون في مجلسه، معه أشراف أهل مملكته، فقال موسى للسحرة حين جاءهم: { وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } فترادد السحرة بينهم، وقالوا: ما هذا بقول ساحر. وهو قوله: { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } أي أسر السحرة المناجاة بينهم.

وقال وهب: كان سرهم: { إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } إلى قوله: { مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ }. وكذلك قال السدي.

ثم قال تعالى ذكره: { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ }.

أي: قالت السحرة في سرهم وتناجيهم: إن موسى وهارون ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما.

وفي حرف ابن مسعود " إن هذان / إلا ساحران ": أي: ما هذان يخفف " إن " يجعلها بمعنى ما.

ومن شدد " إن " ورفع " هذان " ، فقد خرج العلماء فيها سبعة أقوال: فالأول: أن يكون بمعنى نعم. حكى سيبويه أن " إن " تأتي بمعنى أجل. واختار هذا القول المبرد وإسماعيل القاضي والزجاج وعلي بن سليمان.

واستبعد الزجاج قراءة أبي عمرو " إن هذين " لمخالفتها للمصحف.

وقال علي بن أبي طالب: لا أحصي كم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبره يقول: إن الحمدُ لله نحمده ونستعينه، يعني يرفع الحمد يجعل " إن " بمعنى " أجل ". ومعنى: أجل: نعم. ثم يقول: أنا أفصح قريش كلها، وأفصحها بعدي سعيد بن إبان بن العاصي.

السابقالتالي
2 3