الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ }

قوله تعالى ذكره: { طه * مَآ أَنَزَلْنَا } إلى قوله: { وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ }.

قد قدمت علة الإمالة في هذه الحروف في أول " مريم ".

وأتى أول هذه السورة على غير ترتيب أوائل السور، لأن جميع أوائل السور يحتمل أن يكون ما بعدها خبراً لها، ولا يجوز أن يكون ما بعد " طه " خبراً لها، لأنه نفي، فلذلك تأولوه بمعنى " يا رجل " و " يا إنسان ".

وقيل: هو أمر من وطيء.

وروي عن بعضهم أنه قرأ " طه " بإسكان الهاء. وهي قراءة مروية عن الحسن وعكرمة، وفيها تقديران أحدهما أنه أراد الأمر من وطيء. أي: طأ الأرض. ولكن أبدل من الهمزة هاء، كما قالوا: إياك وهياك.

وقيل: إنه أبدل من الهمزة ألفاً، ثم حذف الألف لدلالة الفتح عليها، وأتى بهاء للسكت.

وقيل: الهاء هاء الكناية عن المكان. أي: طأ يا محمد المكان الذي تصلي فيه برجليك، ولا تقف على رجل واحدة فتتعب. ودل على هذا المعنى قوله: { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } فأسكنت هاء الكناية على نية الوقف، أو على التشبيه بهاء السكت.

وقد قيل: إن الهاء في قراءة الجماعة تعود على الأرض، أي: طأ الأرض يا محمد برجليك في صلاتك، والألف في طأ بدل من همزة ساكنة.

ومن قرأ " طه " بحذف الألف، وإسكان الهاء فهو أمر بالوطء لكنه أبدل من الهمزة ألفاً قبل الأمر، ثم حذف الألف للأمر، والهاء تعود على المكان على ما ذكرنا، أو هي هاء سكت كما ذكرنا، أو هي بدل من همزة ساكنة على ما قدمنا، فهذه ثلاثة أقوال في الهاء في قراءة من قرأ " طه " بحذف الألف، وإسكان الهاء، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لي عند ربي جلّ وعزّ عشرة أسماء " " فذكر أن منها " طه " و " يس " إسمان له.

قال ابن عباس: " طه " بالنبطية: يا رجل. وهو قول الضحاك.

وقال أبو صالح: هي بالنبطية أيطأ.

وقال ابن جبير: هي بالنبطية أيطه: أي يا رجل.

وقال ابن جبير: طه بالسريانية: يا رجل. وهو قول قتادة.

وقال عكرمة: " طه " بالنبطية: يا إنسان.

وعن ابن عباس: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم [الله به].

وهذه الآية نزلت فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه من السهر والتعب والقيام بالليل.

قال الضحاك: كانوا يقومون حتى تتشقق، أقدامهم، فقال المشركون: ما نزل هذا القرآن إلا للشقاء، فأنزل الله تعالى ذكره: { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ }.

السابقالتالي
2 3 4