الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } * { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } * { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }

قوله تعالى: { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ } إلى قوله: { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }.

أي: كلوا من طيبات ما أخرجنا لكم بالغيث وارعوا أنعامكم فيه. { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } أي: إن في قدرة الله وسلطانه لعلامات لأولي العقول. أي: لأصحاب العقول.

قال قتادة: " لأولي النهى " لأولي الورع.

" والنهى " جمع نهية. يقال: فلان ذو نهية. أي ذو عقل. وخص أهل النهى بذلك، لأنهم أهل التفكير والاعتبار والتدبر والاتعاض.

ثم قال تعالى: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ }.

أي: من الأرض خلقنا أصلكم. وهو آدم، وفي الأرض نعيدكم بعد الموت، ومن الأرض نخرجكم عند البعث في القيامة أحياء كما كنتم " تارة أخرى " أي: مرة أخرى.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " إذا قبض الملك روح المؤمن عرج به إلى السماء فقال: قد قبضت روح فلان. فيقول الله عز وجل: ردّ بها. أي: قد وعدته { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ }. قال: فإنه ليسمع صوت نعالهم (إذا ولوا مدبرين).

ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا } أي: أرينا فرعون أدلتنا وحججنا التي أعطينا موسى وهارون كلها عياناً، فكذب بها وأبى أن يؤمن، استكباراً وعتواً.

ثم قال: { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } أي: قال فرعون لموسى لما رأى الآيات: { أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } أي: مكاناً عدلاً نصفاً لنا / ولك، قاله قتادة.

وقال مجاهد: " مكانا منصفاً بينهم ".

وقال ابن زيد: مكاناً مستوياً يتبين للناس ما فيه لا صبب ولا نشز، فيغيب بعض ذلك عن بعض.

وقيل: معناه: مكاناً سوى ذلك المكان الذي كانوا فيه، فيكون الأحسن على هذا المعنى كسر السين. وعلى المعاني المتقدمة الضم. والكسر في السين لغتان بمعنى، وفي العدل لغة أخرى، وهي فتح السين والمد، ومنه قوله:إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا } [آل عمران: 64] أي: عدل.

ثم قال تعالى: { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }.

أي: قال موسى لفرعون - حين سأله فرعون الاجتماع - موعدكم يوم الزينة. يعني يوم عيد كان لهم.

وقيل: يوم سوق كان لهم يتزينون فيه.

{ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } أي يساق الناس ويجمعون من كل فج وناحية. والتقدير: وقت موعدكم يوم الزينة.

وقد قرأ الحسن " يوم " بالنصب على الظرف على غير حذف. أي: موعدكم في هذا اليوم. أي: موعدكم يقع يوم الزينة " وأن يحشر الناس ".

إن في موضع رفع عطف على يوم على قراءة من رفع. أي: وقت موعدكم يوم الزينة، ووقت حشر الناس. واختار النحاس أن تكون " وإن " في موضع خفض عطفاً على الزينة.

قال السدي: " يوم الزينة يوم عيد لهم ".

وقال ابن جبير: " هو يوم سوق لهم ".

وقوله: { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } أي يجتمعون في ذلك الوقت في الموضع.

وعن ابن عباس أنه قال: " يوم الزينة، كان يوم عاشوراء. وكذلك روى الأعمش.

والضحى، مؤنثة. وتصغيرها بغير هاء، لئلا تشبه تصغير ضحوة.

وقرأ الحسن: { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } بفتح الياء وضم الشين، ونصب الناس، على تقدير: وأن يحشر فرعون الناس ضحى.