الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } * { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ } * { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } * { أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } * { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } * { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } * { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } * { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ }

قوله تعالى وجلّ ثناؤه: { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } إلى قوله { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً }.

أي: قد أعطيتك ما سألت من شرح صدرك وتيسير أمرك، وحل العقدة من لسانك، وتصيير أخيك هارون عوناً لك.

ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ }.

أي: تطولنا عليك قبل هذه المرة مرة أخرى، ثم بيَّن المرة الأخرى ما هي فقال: { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ } أي: إذا ألهمنا أمك.

وقيل: كانت رؤيا رأتها.

وقيل: بل أوحى إليها ما شاء.

وقال ابن إسحاق: لما ولدت أم موسى موسى صلى الله عليه وسلم، أرضعته حتى إذا أمر فرعون بقتل من ولد سنته تلك، عمدت إليه، فصنعت به ما أمرها الله تبارك وتعالى.

روي أنها رؤيا رأتها، ففعلت ما أمرت به في رؤياها. وكان فرعون يذبح ذكور أولاد بني إسرائيل لأجل أنه بلغه أنه سيكون زوال ملكه وهلاكه على يدي واحد من أولاد بني إسرائيل فخافت أم موسى من فرعون على ولدها. فأراها الله ما أمرها به في منامها، فجعلته في تابوت صغير، ومهدت له فيه، ثم عمدت إلى النيل فقذفته فيه، وهو اليم، فأصبح فرعون في مجلس له كان يجلسه على شفير النيل كل غداة، فبينما هو جالس، إذ مرّ النيل بالتابوت فقذف به، وآسية بنت مزاحم امرأته جالسة إلى جنبه. فقال: إن هذا لشيء [عجيب] في البحر، فآتوني به، فخرج إليه أعوانه حتى جاءوا به ففتح التابوت، فإذا فيه صبي في مهد، فألقى الله عز وجل عليه محبته فعطف عليه نفسه. فهو قوله: { أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ }. يعني فرعون.

ثم قال تعالى: { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي }. أي: حببتك إلى عبادي.

وقال عكرمة معناه: إني حسنت خلقك، أي: جعلت لك حسناً وملاحة.

وقيل معناه: حببتك إلى [كلِّ] من رآك.

وقيل: إن الله جلّ ذكره جعل في موسى عليه السلام ملاحة، فكان لا يراه أحد إلا أحبه واستحلاه ومال قلبه إليه.

وذكر ابن الإعرابي عن قتادة في قوله: { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي }. قال: ملاحة في عينيك، لا يراك أحد إلا أحبك.

وعن عكرمة أنه قال: حسن وملاحة.

وقيل معناه: جبلت القلوب على محبتك، اختصاصاً لك.

وقال مجاهد: مودة في قلوب المؤمنين.

ثم قال: { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } أي: ولتغذى على عيني، قاله قتادة.

وقال ابن زيد: معناه: إني جعلتك في بيت الملك تنعم وتترف غذاؤه عندهم غذاء الملك.

وقال ابن زيد. معناه: وأنت بعيني إذ جعلتك أمك في التابوت ثم في البحر ثم إذ تمشي أختك.

و " اللام " في " ولتصنع " متعلقة بـ " ألقيت " أي: ألقى المحبة لتصنع.

السابقالتالي
2 3 4 5 6