الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ } * { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } * { وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } * { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي } * { يَفْقَهُواْ قَوْلِي } * { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي } * { هَارُونَ أَخِي } * { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } * { وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } * { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً } * { وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً } * { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً }

قوله تعالى ذكره: { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } إلى قوله: { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً }.

المعنى: واضمم يا موسى يدك، فضعها تحت عضدك.

وقال مجاهد: " إلى جناحك " كفه في عضده.

يقال لآخر العضد، إلى مبتدأ الإبط جناح.

وقيل: أمر أن يدخل يده في ثيابه مما يلي صدره وعضده، ففعل، ثم أخرجها بيضاء لها شعاع ونور.

وقال أبو عبيدة: " إلى جناحك " إلى ناحية جنبك. والجناحان الناحيتان.

وقيل: " إلى جناحك " إلى صدرك، ففعل، فخرجت يده نوراً ساطعاً تضيء بالليل كضوء الشمس والقمر، فهي له آية أخرى مع العصا. أي: علامة على قدرة الله وصحة نبوته.

ومعنى: { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } من غير برص.

وقال مجاهد: كان موسى رجلاً آدم، فأدخل يده في جيبه ثم أخرجها بيضاء من غير سوء أي من غير برص مثل الثلج، ثم ردها فخرجت كما كانت على لونه.

وقوله: { آيَةً أُخْرَىٰ } أي: دلالة أخرى على العصا.

وقوله: " بيضاء " نصب على الحال. " وآية " بدل من بيضاء عند الأخفش.

وقال الزجاج: هي نصب بإضمار فعل تقديره " آتيناك آية أخرى ".

وقيل: " آية " حال أيضاً، لأنه بمعنى مبينة.

ثم قال تعالى: { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ }.

أي: لنريك من آياتنا العجائب.

ثم قال: { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ }.

أي: تجاوز قدره، وتمرد على ربه. وفي الكلام حذف. والتقدير: اذهب إلى فرعون إنه طغى فادعه إلى توحيد الله وطاعته، وإرسال بني إسرائيل معك.

وقوله: { قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي }. أي: افسح لي صدري لأعي عنك ما تودعه من وحيك، وأجترئ به على خطاب فرعون.

{ وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي }.

أي: سهّل عليّ القيام بما كلفتني من الرسالة والطاعة.

{ وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي }.

أي: واطلق لساني للمنطق.

قيل: كانت في لسانه عجمة عن الكلام من أجل الجمرة التي كان ألقاها إلى فيه يوم همّ فرعون بقتله.

قال ابن جبير: " عقدة من لساني " عجمة بجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون، ترد به عنه عقوبة فرعون حين أخذ موسى بلحيته، وهو لا يعقل. فقال فرعون: هذا عدو لي فقالت له امرأته: إنه لا يعقل. وكذلك قال مجاهد.

وقال السدي: لما تحرك الغلام - يعني موسى صلى الله عليه وسلم - أرته أمه آسية. فبينما هي ترضعه وتلعب به، إذ ناولته فرعون وقالت: خذه. فلما أخذه، أخذ موسى بلحيته فنتفها. فقال فرعون: علي بالذباحين. فقالت آسية: لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً. إنما هو صبي لا يعقل، وإنما صنع هذا من صباه، وقد علمت أنه ليس في أهل مصر أحلى مني.

السابقالتالي
2