الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } * { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

قوله تعالى ذكره: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } إلى آخر السورة.

أي: وأمر أهلك بالدوام على الصلاة، واصطبر على القيام عليها والإتيان بها بحدودها. { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً } أي: أن ترزق نفسك ولا ترزق أحداً من العباد. وكان عمر رضي الله عنه إذا قام من الليل صلى، فإذا كان من السحر أيقظ أهله فقال: الصلاة الصلاة. وتأول هذه الآية، وامر أهلك بالصلاة... الآية.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضيق أو شدة، أمرهم بالصلاة ثم قرأ { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ }... الآية.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر يصلي.

وقال صلى الله عليه وسلم في رواية عثمان بن عفان عنه: " من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين غفر له ".

قال محمد بن كعب: وكنت إذا سمعت الحديث طلبت تصديقه في كتاب الله عز وجل، فطلبت تصديق هذا فوجدته في كتاب الله عز وجل في قوله: لنبيهإِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } [الفتح: 1-2] فجعل تمام النعمة أن غفر له ذنبه، وقوله:يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ } [المائدة: 6] إلى قوله:وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } [المائدة: 6] فعلمت حين جعل تمام النعمة على النبي صلى الله عليه وسلم المغفرة أنها هنا، مثل ذلك حين قال: وليتم نعمته عليكم فهو المغفرة.

ثم قال: { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }.

أي: والعاقبة الصالحة من عمل كل عامل لأهل التقوى.

ثم قال تعالى: { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ }.

أي: وقال المشركون هلاّ يأتينا محمد بآية من ربه، كما أتى صالح قومه بالناقة من ربه، وعيسى بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص.

ثم قال الله تعالى جواباً لهم: { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ }.

أي: ما في الكتب التي قبل هذا الكتاب من أخبار الأمم من قبلهم التي أهلكناهم لما سألوا الآيات. فكفروا بها لما أتتهم كيف عجلنا لهم العذاب.

فالمعنى: فما يؤمنهم إن أتتهم آية أن يكون حالهم كحال أولئك.

قال مجاهد: { مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ }: التوراة والإنجيل.

وقال قتادة: { ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } الكتب التي خلت من الأمم التي يمشون في مساكنهم.

ثم قال تعالى: { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ }.

أي: ولو أنا أهلكنا هؤلاء المشركين الذين يكذبون بهذا القرآن بعذاب من قبل ننزله عليهم.

وقيل: من قبل أن نبعث داعياً يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم. فالهاء تعود على القرآن، أو على النبي.

ثم قال: { لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً }.

أي: لقالوا يوم القيامة إذا وردوا على الله تعالى، فأراد عقابهم: ربنا هلاّ أرسلت إلينا رسولاً يدعونا إلى طاعتك فنتبع آياتك، أي: حججك وأدلتك وأمرك ونهيك من قبل أن تذل بتعذيبك لنا ونخزي بها.

السابقالتالي
2